{فسبحان الله حِين تمسون وَحين تُصبحُونَ} الرَّابِع بِمَعْنى أَرْبَعِينَ سنة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {هَل أَتَى على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر} وَهُوَ بَقَاء آدم جسدا من غير روح وَأما قَوْله {ولتعلن نبأه بعد حِين} فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ أَرَادَ يَوْم بدر الْمَعْنى يَقُول صحبوا الزَّمَان ثمَّ مَاتُوا بغصة لم يبلغُوا مَا أملوا من الزَّمَان وَإِن كَانَ قد فَرَحهمْ حينا فقد نغصهم أَكثر مِمَّا فَرَحهمْ وَالْمعْنَى يُرِيد أَن أحدا لم ينل مُرَاده من الزَّمَان
3 - الْغَرِيب الصَّنِيع الْإِحْسَان الْمَعْنى يَقُول الدَّهْر إِن أحسن أَولا كدر وأساء آخرا هَذِه عَادَته يعْطى ثمَّ يرجع وَإِذا أحسن لَا يتم الْإِحْسَان وَهَذَا يشبه قَول الآخر
(الدَّهْرُ آخِذُ مَا أعْطَى مُكَدّرُ مَا ... أصْفى وَمُفْسِدُ مَا أهْوَى لَهُ بيدِ)
4 - الْإِعْرَاب قَالَ أَبُو الْفَتْح فِي يرضى ضمير فَاعل يفسره من أعانا وأضمره قبل الذّكر على شريطة التَّفْسِير ويروى لم ترض بِالتَّاءِ وَالضَّمِير اللَّيَالِي الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح هَذَا وَالَّذِي قبله أحسن مَا قيل أحسن مَا قيل فِي الزَّمَان وَأَن طباعة الشَّرّ وَفعل الزَّمَان مَنْسُوب إِلَى الْقَضَاء فالزمان لَا يفعل شَيْئا وَإِنَّمَا يفعل فِيهِ وَكَذَا قَوْلهم يَوْم سعيد فاليوم لَا يُوصف بِسَعْد وَإِنَّمَا يُوصف بِهِ من يشْتَمل عَلَيْهِ الْيَوْم وَقَالَ الواحدي يُرِيد هُوَ الَّذِي أعَان على الدَّهْر كَأَنَّهُ لم يرض بِمَا يُصِيبنِي من محنة حَتَّى أَعَانَهُ عليّ وَهَذَا كَقَوْل الْقَائِل
(أعانَ عَليَّ الدَّهْرَ إذْ حَكَّ بَركَهُ ... كَفى الدَّهْرُ لَوْ رَكَّلتْهُ بِيَ كَافِيا)
5 - الْغَرِيب السنان زج الرمْح الَّذِي يطعن بِهِ الْمَعْنى قَالَ الواحدي يَقُول إِذا ابتدر الزَّمَان للإساءة بِمَا جبل عَلَيْهِ صَارَت عَدَاوَة المعادى مدَدا لقصده نَحْوك فَجعل الْقَنَاة مثلا لما فِي طبع الزَّمَان والسنان مثلا للعداوة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح والخطيب الزَّمَان إِذا أنبت قناة إِنَّمَا ينبتها بالطبع وَلَا يشْعر لأي شَيْء تصلح فيتكلف بَنو آدم اتِّخَاذ الْقَنَاة توصلا إِلَى هَلَاك النُّفُوس فالزمان يفعل وَلَا يشْعر مَا يُرَاد بِهِ وَهَذَا من كَلَام الْحَكِيم يَقُول من صِحَة السياسة أَن يكون الْإِنْسَان كلما ظَهرت سنة عمل بهَا بِحَسب السياسة