الْمَعْنى يَقُول هَذِه الْبَلدة الَّتِي ذمها لَيست من مواطنه نفى عَنْهَا أَن يكون مسَاكِن هَذَا الممدوح وَجعله يمر بهَا كَمَا يمر السَّحَاب فتصيب من نَفعه فميزه من بَينهم بِهَذَا الْبَيْت وَأَنه لَا يُقيم بِهَذِهِ الأَرْض المذمومة الَّتِي لَيْسَ يفوتها إِلَّا الْكِرَام وَهُوَ من قَول حبيب
(إنْ حَنَّ نَجْدٌ وَأهْلُوهُ إلَيْكَ فَقَدْ ... مَرَرْتُ فِيهمْ مُرُورَ العارِضِ الهَطِلِ)
20 - الْغَرِيب سقى وأسقى لُغَتَانِ فصيحتان نطق بهما الْكتاب الْعَزِيز وَقَوله ابْن منجبة يُرِيد أَنَّهَا أنجبت فِي وِلَادَتهَا لهَذَا الممدوح لِأَنَّهُ نجيب يُقَال أَنْجَب فلَان إِذا كَانَ وَلَده نجيبا والفطام انْفِصَال الْوَلَد عَن ثدي أمه والدر اللَّبن وَكَثْرَة سيلانه وللسحاب درة أَي صب وَالْجمع دُرَر قَالَ النمر بن تولب
(سَلامُ الإلهِ وَرْيحانُهُ ... وَرَحْمَتُهُ وَسَماءٌ درَرْ)
الْمَعْنى يَقُول سقَاهُ الله أَي يَدْعُو لَهُ بالسقيا وَذكر دوَام عطاياه وَأَنَّهَا تدر عَلَيْهِ من غير انْفِصَال
21 - الْإِعْرَاب إِحْدَى ابْتِدَاء العطايا خَبره وَمن فِي مَوضِع نصب بدل من ابْن منجبة وروى وَمن إِحْدَى بِكَسْر الْمِيم فَيكون حرف جر مُتَعَلقا بسقاني وَيجوز أَن يتَعَلَّق بِمَحْذُوف إِذا جعلت سقى الله بن منجبة كلَاما تَاما ثمَّ استأنفت أسقاني وَيجوز أَن يكون حرف الْجَرّ وَمَا عمل فِيهِ خبر ابْتِدَاء والعطايا الِابْتِدَاء الْمَعْنى يَقُول معروفه وعطاياه لَا تَنْقَطِع عني
22 - الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد اشْتَمَل على الزَّمَان فخفى بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ وَشبهه بالدر إِذا اكتنف السلك لنفاسته وشرفه فَاجْتمع فِيهِ الْأَمْرَانِ الاشتمال والنفاسة وَقَالَ الْخَطِيب قَرَأت على أبي الْعَلَاء خفى الزَّمَان بهَا وَكَذَلِكَ النّسخ الَّتِي يعْتَمد عَلَيْهَا وَذكر أَن الضَّمِير رَاجع إِلَى عطاياه وَقَالَ قد أودعني أَنَّهَا قد انتظمت الزَّمَان فغطته كَمَا يغطى الدّرّ مَا نظم فِيهِ من السلك وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الضَّمِير رَاجع إِلَى الممدوح وَقَالَ الواحدي يُرِيد أَنه غطى بمحاسنه مساوى الدَّهْر وتجمل الزَّمَان بِهِ تجمل السلك إِذا نظم فِيهِ الدّرّ