كانت حنيفة لا أبالك مرة ... عند اللقاء أسنة لا تنكل
فرأت حنيفة ما رأت أشياعها ... والريح أحياناً كذاك تحول
هذا الكلام تهكم وسخرية. ولا أبالك: بعث وتحضيض، وليس بنفي للأبوة، وخبر لا محذوف، لأن النية في لا أبالك الإضافة، ولذلك أثبت الألف في أبا؛ فكأنه قال لا أباك موجود أو في الدنيا. وقد مضى القول فيه مشروحاً. فيقول: كانت هذه القبيلة فيما مضى من الأيام، وتقصى من المرار، عند لقاء الأعداء وفيما تباشره من الأمور والأحوال، أسنة لا تكبو ولا تضعف، نفاذاً في العزائم ومضاء، ولا تنبو ولا تقف، كلولاً في الصرائم ونكولاً، فقد عادت الآن مقتدية بأشياعها، وآخذة إخذهم في الارتداد والنكوص، والإحجام والنبو؛ والريح تتحول أحياناً كذلك، مرة تكون شمالاً ومرة جنوباً. وقوله كذا موضعه من الإعراب نصب على المصدر من تحويل. أراد: والريح تتحول أحياناً تحولاً كذلك. أي كما عرفت.
لقومي أرعى للعلى من عصابة ... من الناس يا حار بن عمرو وتسودها
وأنتم سماء يعجب الناس رزها ... بابدة تنحى شديد وئيدها