يقول: قد تفللت سيوفنا بما نضارب بها الأعداء، في مشارق الأرض ومغاربها. وقال: من قراع الدارعين، لأن الغرض أن يكون عدوهم على غاية الاحتراز منهم؛ وفي أكمل الاستعداد لهم. وقوله: في كل غربٍ ومشرقٍ ظرف لقراع الدارعين. أي بأسيافنا فلولٌ من القراع في كل غربٍ ومشرق.
معودةً ألا تسل نضالهافتغمد حتى يستباح قبيل
مثله قول الآخر:
بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم ... ولم تكثر القتلى بها حين سلت
وانتصب معودةً على الحال. ويجوز أن ترفع على أن تكون خبر ابتداءٍ مضمر، والعامل فيه إذا كان حالاً ما يدل عليه قوله: بها من قراع الدارعين فلول. فيقول: عودت سيوفنا ألا تجرد من أغمادها فترد فيها إلا بعد أن يستباح بها قبائل. ويقال: عودته كذا فتعوده واعتاده. والعادة من العود وهو الرجوع، ولذلك قالوا للمواظب على الشيء: هو معاودٌ له. وقوله فتغمد، يقال غمدت السيف وأغمدته، وأصله الستر، ومنه تغمده الله برحمته.
سلي إن جهلت الناس عنا وعنكم ... وليس سواءً عالمٌ وجهول
يروى: عنا فتخبري. كأنه استدل على تصحيح ما ادعاها من الخصال التي عددها بشهادة الناس له وتصديقهم مقاله. يقول: سلي الناس عنا إن جهلت ما حكيته من أفعالنا حتى تخبري فتؤمني به وتسكني إليه، فليس العالم بالشيء كالمخمن أو المجوز أو الشاك أو الحادس أو المقدر. والعلم قد يحصل بإخبار المخبرين كما يحصل بالمشاهدة، فلذلك دعاها إلى ما دعا من السؤال والكشف. وقوله: فتخبري ينتصب بأن مضمرة وهو جواب الأمر بالفاء. والسواء يكون مصدراً ووصفاً في معنى مستوٍ. يقال: هذا درهمٌ سواءٌ، أي مستوٍ؛ وهذا درهمٌ واء أي استواءً، كما تقول هذا درهمٌ تماماً، أي تم تماماً. وفي القرآن: " في أربعة أيامٍٍ سواءٍ للسائلين " أي مستويات، وقرى " سواءً " على المصدر كأنه قال: استواءً. حكى أبو الحسن الأخفش: هما سواءٌ وهما سواءان.