فعد القتلة التي تكون بالسيف أكرم. ألا ترى أن بني أسدٍ يسمون عبيد العصا لما كان حجرٌ أبو امرئ القيس حين أوقع بهم قتلهم بها، لتكون قتلتهم ذميمة. وقد قتل كثير منهم بالجلاميد والصخور، ولذلك قال بعضهم:
جلاميد أملاء الأكف كأنها ... رؤوس رجالٍ حلقت في المواسم
ولا نقاتل بالعص ... ي ولا نرامي بالحجاره
إلا علالة أو بدا ... هة سابحٍ نهد الجزاره
وإذا كان الأمر على هذا فمعنى التبجح أن تكون منيتهم بالسيوف ظاهرة. وأما قوله:
لو بأبانين جاء يخطبها ... رمل ما أنف خاطبٍ بدم
فإن الفحل الهجين إذا تعرض للناقة الكريمة قرع أنفه بالعصا وضرب وجهه بها، فهو من ذاك مأخوذ.
صفونا فلم نكد وأخلص سرنا ... إناثٌ أطابت حملنا وفحول
أشار بهذا الكلام إلى كرم المناصب والمناسب، وطيب المنبت والمغرس. فيقول: صفت أنسابنا فلم يشبها كدورةٌ. وخلص نكاحنا أمهاتٌ طيبت حملنا، وآباءٌ كرمت عروقنا. ويقال: كدر الماء يكدر كدراً وكدوراً وكدورةً، وهو أكدر وكدرٌ. وفي ضده صفا الماء يصفو صفواً؛ والصفاء الاسم. ومن أمثالهم: خذ ما صفا ودع ما كدر. والسر: النكاح. وسر الشيء: خالصه. ويجوز أن يكون قولهم سريةٌ فعلية من هذا.
علونا إلى خير الظهور وحطنا ... لوقتٍ إلى خير البطون نزول
يصف ترددهم في شرف المصعد والمنحدر، وكرم العنصر والمتحول، كما ذكر طهارة المنكح والمولد، وجلالة المعتلى والمستقر، فيقولك علونا في خير الظهور، أي حصلنا في أعلى المراتب من ظهور أكرم الآباء، وحدرنا منها لوقتٍ معلومٍ - يشير