كأنك كنت تعلم يوم بزت ... ثيابك ما سيلقى سالبوها

قوله وما شاءت ظنونك تشكر للعشيرة وإن كان لفظه إعلام جوى ما كان منهم وثناء عليهم، فيقول: لقد حسن ظنك بأرماح وفى لك مهيئوها ومعلموها يوم حلفك، فلا جرم أنهم صدقوا ظنك بهم، وحققوا اعتقادك فيهم، وجدوا في طلب الأمر وانكمشوا، حتى برت يمينك، وطابت نفوس أودائك والمفجوعين بك. وجعل الباء من قوله بأرماح متعلقا بقوله ظنونك، وإنما الظن كان بأربابها، مجازاً واتساعا.

وقوله ولو بلغ القتيل فعال قوم يريد لو أمكن إبلاغ المقتولين ما يفعله الأحياء بعدهم لقمت في ذلك وقعدت، علماً بأن ما أتاه قومك إذا تأدى إليك سرك وقوعه وحمدتهم له. ويقال: نضا سيفه وانتضاه، إذا جرده من غمده. وقال من سيوفك وأضافها إليه لما كان أربابها من أسبابه، وما للسبب مثل ما للمسبب.

وقوله كأنك كنت تعلم يوم بزت ثيابك أراد بالثياب السلاح، وهذا كما يقال له البز. قال الهذلي:

فوقر بز ما هنالك ضائع.

يعني به السيف، ومعنى وقر وقع وقرات وهزمات فيه. ويقال بزه كذا وابتزه. وفي المثل: " من عز بز "، أي من غلب سلب. وقال الدريدي: البز السلاح، يدخل فيه الدرع والمغفر والسيف. وجعل تعلم بمعنى تعرف، لذلك اكتفى بمفعول واحد، كقول الله تعالى: " لا تعلمونهم الله يعلمهم ". وما سيلقى ما بمعنى الذي، وما بعده من صلته، وحذف المفعول من سيلقى استطالة للاسم بصلته، أراد ما سيلقاه، ويعني بذلك ما يصيبهم في مكافأة فعلهم، وعند الانتقام منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015