قدى. وكرر قدى على طريق التأكد، والثاني مبتدأ مثل الأول وخبره مضمر وهو مثل ما ظهر وصار خبر الأول. ومعنى الآن أنه اسمٌ للزمان الحاضر: وقال بعضهم: هو الزمان الذي هو آخر ما مضى وأول ما يأتي من الأزمنة، وإنما بني لأنها وقعت في أول أحوالها بالألف واللام. وحكم الأسماء أن تكون شائعةً منكورةً في الجنس ثم يدخل عليها ما يعرفها من إضافةٍ وألفٍ ولامٍ، فخالف الآن سائر أخواتها بوقوعه معرفةً في أول الأحوال، ثم لزم مع ذلك موضعاً واحداً، لأن لزومها في هذه الحالة لموضعه قد ألحقه بشبه الحروف، إذ كان حكم الحروف لزومها لمواضعها في أوليتها لا يزول عنها، فبني لذلك، واختبرت الفتحة لخفتها.
هوى ابني من على شرفٍ ... يهول عقابه صعده
هوى من رأس مرقبةٍ ... فزلت رجله ويده
يقول: سقط ابني من أعلى جبلٍ يهول الارتقاء إليه والصعود فيه عقبانه، لسموقه وارتفاعه. أي إذا همت العقاب بالطيران إلى قلته تداخلها منه هولٌ وهيبةٌ. وهذا تهويل وتفظيع للشأن. وأعاد قوله هوى تحسراً وتوجعاً. والمرقبة هو المحرسة. والعلى هو الأعلى. ويقال صعد يصعد صعوداً وصَعَداً وصُعُداً.
وهوى مصدره الهوى والهوى بالفتح والضم، وقد تقدم القول فيه. والأهوية: البئر، وما بين أعلى الجبل إلى مستقر بطن الوادي. وقيل الهاوية: كل مهواةٍ لا يدؤك قعرها. وقوله يهول عقابه صعده في موضع الصفة. للشرف. ومعنى زلت رجله، أي انخلعت وبانت منه.
فلا أمٌ فتبكيه ... ولا أختٌ فتفتقده
لم يجعل فتبكيه ولا فتفتقده جواباً للنفي، لأن الجواب يكون منصوباً، لكنه عطف على ما قبله، وهو عطف جملةٍ على جملة. ومثله في القرآن: " ولا يؤذن له م فيعتذرون "، لأن المعنى لا يؤذن لهم ولا يعتذرون. وكذلك هذا، معناه لا أم له فلا تبكيه، إلا أن الجملة المعطوفة مما في القرآن موافقةٌ للجملة المعطوف عليها؛ لأن كل واحدةٍ منهما متركبةٌ من فعل وفاعل، والتي عطف