وصف بها لوقوعها موقع المفرد، فإذا صاحبها مفرد كان الأولى تقديمه، وإذا كان كذلك فعقدته ارتفع بالابتداء، وما تحل خبره. والمصع: الشديد المقاتلة الثابت فيها. ويعني بوراء ها هنا الخلف، وإن كان يصلح للقدام. وفي هذا الكلام ضربٌ من الوعيد، كأنه يجري مجرى قول القائل: الله من ورائك. ويريد: وفي طلب الثأر من جهتي ابن أختٍ هذه صفته، ويعني به نفسه. ويجري هذا المجرى قول الشنفري:
هممت وهمت وابتدرنا وأسدلت ... وشمر مني فارطٌ متمهل
والفارط المتمهل هو الشنفري. وقوله عقدته ما تحل يجوز أن يريد ما يعقده برأيه أو يحكمه لا ينقض. ويجوز أن يريد به قوته وجلادته، وتكون العقدة راجعةً إلى استحكام خلقه وصبره في الشدائد.
مطرقٌ يرشح موتاًكما أط ... رق أفعى ينفث السم صل
شبه نفسه في إطراقه وسكونه، منتظراً لفرصةٍ ينتهزها في إدراك ثأره بالحية، وأنه في إمساكه يرشح بالموت لعدوه كما أن الحية إذا أطرق نفث بالسم. والرشح كالعرق، والنفث، كالقذف. والصل من صفة الأفعى، ويوصف به الداهية وكل خبيث، يقال: هو صل إصلالٍ، كما يقال داهية دواهٍ. وأسماء الحيات وصفاتها تستعار في الدواهي كثيرا. والأفعى مؤنثة، وذكرها الأفعوان. وقال الخليل: الأفعى حيةٌ قصيرةٌ عريضة الرأس. وبنون فيقال أفعىً، وبعض طيئٍ يقلب ألفه واواً فيقول أفعو، وبعض قيسٍ يقلبها ياء فيقول أفعى. ومنه تفعى فلانٌ، إذا ساء خلقه. وقال سيبويه: صرفه أكثر وأجود. ويصلح للذكر والأنثى. والأفعوان الذكر لا غير.
خبرٌ ما نابنا مصمئل ... جل حتى دق فيه الأجل
بزني الدهر وكان غشوماً ... بأبي جاره ما يذل
يعني بالخبر نعي المتوفي؛ وقد استعظمه وجعله داهيةً منكرةً حتى علا شأنه وجل عن أن يضبط بوصفٍ، أو يحد بنعت، فلذلك قال جل حتى دق فيه الأجل. ويقال داهيةٌ مصمئلةٌ، إذا اشتدت. والأجل تأنيثه الجلى، والألف واللام فيه بدلٌ من