سهل الفناء إذا حللت ببابه ... طلق اليدين مؤدي الخدام

وإذا رأيت شقيقه وصديقه ... لم تدر أيهما ذوو الأرحام

المحمود: الذي يطلبه نعم بالاختصاص من بين جنسه محذوفٌ، كأنه قال نعم الفتى فتىً فجعت به إخوانه. والضمير من قوله به عائدٌ إلى المحذوف، والجملة من الفعل والفاعل قد خصصته حتى صار كالمعرفة. ومثله قوله تعالى: " نعم العبد إنه أواب " كأنه قال: نعم العبد أيوب. والحذف في مثل هذا المكان يصلح إذا كان المحمود مشهور الشان، معلوماً أمره من القرائن في الكلام. وارتفع حوادث بفِعلها وفِعلُها فجعت، وذكر الإخوان تنبيهٌ على من آخاه من الأجانب والقرائب جميعاً.

وقوله سهل الفناء ارتفع على أنه خبر مبتدأ مضمر، وجعل فناءه للزوار والمجندين والعفاة سهلا، وذلك مثلٌ لكثرة إحسانه إليهم، وحسن توفره عليهم. ومعنى مؤدب الخدام تنبيهٌ على اقتدائهم بمولاهم في تفقد الوراد وإكرامهم، والمبالغة في التخفف لهم والسعي في مصالحهم.

وقوله وإذا رأيت شقيقه وصديقه فالشقيق إشارة إلى إخوان الولاد ومن جرى مجراهم، ممن شاركه في نسبه حتى كأنه شق منه. والصديق إشارةٌ إلى إخوان المودة ومن صرب بسهمٍ في الانصباب إليه، والاعتزاء إلى جنبته والاعتماد عليه. ثم قال لم تدر أيهما ذوو الأرحام تنبيهاً على تساويهما في المحل عنده، وشمول حسن التفقد لهم، حتى ترى كلاً منهم يدل بمثل إدلال صاحبه، لا تمايز ولا تباين. وفي طريقته قوله:

فما زال بي إكرامهم واقتفاؤهم ... وإلطافهم حتى حسبتهم أهلي

وأشار بقوله: شقيقه وصديقه إلى الجنسين، وفائدتهما الكثرة لا الوحدة. ألا ترى أنه قال: لم تدر أيهما ذوو الأرحام، أي أي الجنسين.

وقال أيضاً:

طلبت فلم أدرك بوجهي وليتني ... قعدت فلم أبغ الندى بعد سائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015