لكن قاتله من لا يعاب به ... وكان يدعى قديماً بيضة البلد
والمراد إذا مدح أنه لا نظير لها، ولا أخت معها، فالنعامة تطيف بها إشفاقاً عليها. ومما يحتج به في الذم قول الآخر:
إن أبا نضلة ليس من أحد ... ضل أباه فهو بيضة البلد
وبيضة الإسلام: جماعتهم. ويقال تفرى بيضة الأرض عن بني فلانٍ، إذا تناسلوا وكثروا. وبيضة الخدر قد تقدم القول فيه.
لو كان يشكي إلى الأموات ما لقي الأحياء بعدهم من شدة الكمد
ثم اشتكيت لأشكاني وساكنه ... قبرٌ بسنجار أو قبرٌ على قهد
قصده إلى بيان بر أخيه به أيام حياته، فقال: لو جرت العادة بتكلف الأحياء الشكوى إلى الأموات، وإنهاء ما يقاسونه من الجزع فيهم، ومن النوائب بفقدهم وبعدهم، ثم كان ينفع ذلك أو يثمر إصغاءً وإجابةً، وجريت أنا على عادتهم في مباثة أخي، والإفاضة في الشكو إليه، لأرضاني وأزال شكواي.
وقوله أشكاني يقال شكوته فأشكاني، كما يقال طلبت منه كذا فأطلبني، وعتبت عليه فأعتبني. وقوله وساكنه قبرٌ بسنجار أو قبرٌ على قهد، قدم المعطوف وهو ساكنه على المعطوف عليه، وهو قبرٌ بسنجار. ومثله قوله:
عليك ورحمة الله السلام
وإنما يحسن هذا إذا كان العامل مقدماً، وهو في الفعل والفاعل أكثر منه في المفعول، فأما المجرور فلا يجوز ذلك فيه، لا يجوز أن تقول مررت وعمروٍ بزيدٍ إذ كان فيه تقدم المعطوف على المعطوف عليه وعلى العامل فيه. والكمد: حزنٌ وهمٌ لا يستطاع إمضؤه، وقال الدريدي: هو مرض القلب من الحزن. يقال كمد يكمد كمداً، ورأيته كامد الوجه وكمد الوجه، إذا بان به أثر الكمد؛ وأكمده الحزن إكماداً.