ذو حقيقةٍ فالحقيقة ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه، وتوسعوا فقيل: حاققت الرجل، إذا جاذبته حقاً بينكما. ويقال هو نزق الحقاق، إذا جاذب في صغار الأمور. وقوله بمحرم يقال: أحرم الرجل، إذا دخل في الحرم، أو في الشهر الحرام. وفسر قول الراعي:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً
على أنه كان له حرمة الإمامة والبلد والشهر، لأنه قتل رضي الله عنه في ذي الحجة. وانتصب فيعلم على أنه جواب التمني.
فقل لزهيرٍ إن شتمت سراتنا ... فلسنا بشتامين للمتشتم
ولكننا نأبى الظلام ونعتصي ... بكل رقيق الشفرتين مصمم
يقول: أبلغ هذا الرجل أنك إن اعتمدت على ركوب السفه معنا، وتعمدت في مجاذبتنا سب خيارنا، وثلب أعراضنا، فإنا نربأ بأنفسنا عن مجاراتك في هذا الميدان، ومكايلتك بمكيال السباب. والمتشتم: المتحكك بالشتم والمتعرض له. ويصلح أن يكون للجنس فيدخل فيه زهيرٌ وغيره، ويصلح أن يراد به زهيرٌ خاصةً. وقوله ولكننا نأبى الظلام يريد: لا نرضى بالدنيات، ونمتنع من التزام الظلامات، وندافع عن أحسابنا بكل سيفٍ رقيق الحدين، نافذٍ في الضريبة. والظلام والظلامة والمظلمة واحد، وهو ما تظلم الناس بسببها بينهم. ويروى: الظلام بكسر الظاء، مصدر ظالمته مظالمةً وظلاماً. وقوله ونعتصي يقال عصيت بالسيف، واعتصيت وعصوت بالعصا. ومر يعتصي على العصا، أي يتوكأ عليها. والتصميم: المضي في الأمر. ويقال صمم في عضته، إذا نيب.
وتجهل أيدينا ويحلم رأبنا ... ونشتم بالأفعال لا بالتكلم
؟ وإن التمادي في الذي كان بيننا بكفيك فاستأخر له أو تقدم أفعال جملة الإنسان تنسب إلى جوارحهم على المجاز والسعة، فلذلك نسب الجهل إلى الأيدي. والمعنى أن ما يذم من أفعال القلوب لا نكتسبه بوجهٍ، بل فينا الرأي الثاقب، والوقار الغالب، والأناة والحلم، والسكينة والعلم؛ فأما اليد فإذا بطشنا