والاتساع، وقد قال كثير:
بطاحي له نسبٌ مصفىً ... وأخلاقٌ لها عرضٌ وطول
فهذا على التشبيه بالمجسمات، والقصد إلى السعة، لأن الأخلاق توصف بالسعة والضيق. وقد عيب على أبي تمامٍ قوله:
بيومٍ كطول الدهر في عرض مثله
وقيل جعل للزمان عرضاً مع أنه لا حاجة به إليه، إذ كان بذكر الطول قد استوفى المعنى المقصود. وهذا من قائله ظلمٌ صريحٌ لأنه سلك مثل طريقة كثيرٍ من التشبيه بالمجسم، فكما قال في الأخلاق لها عرضٌ وطولٌ، كذلك قال في الزمان له طول كذا فيعرض مثله، ولا فصل. وقوله وزايلني باطلي قال سيبويه: يقال زايلت بمعنى بارحت، ومنه قولهم ما زال يفعل كذا، لأن معناه ما برح، ويقال زال الشيء من الشيء بزيله زيلاً، إذا مازه منه، وزال الشيء يزول زوالاً، إذا فارق. وجواب القسم مقدمٌ عليه.
وأصبحت لا نزقاً للحاء ... ولا للحوم صديقي أكولا
ولا سابقي كاشحٌ نازحٌ ... بذحلٍ إذا ما طلبت الذحولا
أجرى أصبحت مجرى صرت. والبزق: الطياش الخفيف العقل. ويقال نزق ينزق نزقاً، ومنه نزقت الفرس، إذا ضربته حتى ينزق واللحاء: المشاتمة. يقول: استبدلت من الخفة وقاراً؛ ومن العجلة أناة وسكوناً، فلا يستخفني النزق لملاحاة الرجال، وثلب أعراض الأصدقاء بالاغتياب. ويقال للمغتاب: هو أكولٌ للحوم الناس، كالسبع الضاري. وللنمام: هو أضرب من مشي بشفةٍ، من قوله عز وجل: " مشاء بنميمٍ ". وفي القرآن: " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً ". وقوله صديقي أراد به الكثرة لا الواحد.
وقوله ولا سابقى كاشحٌ نازحٌ فالكاشح: العدو الباطن العداوة. والنازح: البعيد الدار أو النسب. وفي البيت يحتمل الوجهين. يقول: إذا سعيت في طلب