البطالة والخسارة، لا أواخي غيرهم، ولا أصالح سواهم. والصحابة مصدرٌ في الأصل، وصف به الخلصان أيضاً مصدرٌ كالكفران والشكران في الأصل، ولذلك صلح أن يقع للواحد والجميع. يقال فلانٌ خالصتي وخلصاني، إذا خلصت مودته. قال:
وعاش صافيةً لله وخلصانا
ويقال: هؤلاء خلصاني، أي أخلائي. وقوله الذين أصاحب أراد أصاحبهم، وحذف الضمير استصالةً للاسم بصلته. وقوله قرينة من أسفى فالقرينة ألحقت الهاء به لأنه جعل اسماً، فهو كالبنية والذبيحة. ومعنى أسفى: دخل في السفاء. والسفاء ممدود: السفه، والرجل سفيٌ. ومعنى قلد حبله خلى واختياره، وأصله في البعير إذا أرسل في المرعى وجعل زمامه على عنقه لتتصرف كما يشاء، ثم نقل إلى من وعظ كثيراً حتى أهمل أمره تبرماً به. ويقال أيضاً: ألقى حبله على غاربه، في هذا المعنى. ومعنى وحاذر جراه الصديق الأقارب، أي تبرءوا منه خوفاً من جرائره التي يجنيها عليهم. وكانوا يسمون مثله الخليع. وعلى هذا قول الشنفري في صفة نفسه:
طريد جناياتٍ تياسرن لحمه ... عقيرته لاياً بما حن أول
ومعنى تياسرن لحمه اقتسمن لحمه من الميسر. وهذا من فصيح الكلام. والصديق يوصف به الواحد والجمع. والبيت الثاني شرحٌ لقوله والغواة صحابتي، ويفيد من نهايات الغي ما لا يستفاد من ظاهره ومطلقه.
فأديت عني ما استعرت من الصبا ... فالمال عندي اليوم راعٍ وكاسب
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعز الحجاز أعوزته االزرائب
يقول: رفضت الآن ما كنت أقصر وقتي عليه، وأصرف همي إليه، من سلوك طرائق الجهل، والجري في ميادين اللهو، واستبصرت حتى عرفت من الرشاد ما حملني على رد مستعار الغي، واطراح مستعاد البطل، فصرت أحفظ من المال ما كنت أضيعه، وأصحب من الحزم ما صرت أخلفه، وأجمع من العدة للحوادث ما