فعالي، وغنائي عند الشدائد وبلائي، إذا اجتمع علي في حومة الحرب الفرسان، وأحاط في مضايقها بى الأفران، فإن نجدة الأبطال تظهر في مثل تلك الحال. واعلمي أن ما يستنكف منه هو التخلف عن الكفاح، والرضا عن النفس بما لا يجعله الكريم منه ببالٍ، فأما خدمة الضيف وامتهان النفس في الاحتفال له، فمقبولٌ من أخلاق الكرام، محمودٌ عند تجارب الرجال.
وقدم القول في شذوذ فوارس وحكمه.
ألست أرد القرن يركب ردعه ... وفيه سنانٌ ذو غرارين يابس
أقبل يقرر المرأة على زكي أفعاله، ورضى أخلاقه. وألف الاستفهام إذا اتصل بحرف النفي تقرر به فيما كان واجباً واقعاً، وإذا انفرد عن حرف النفي تقرر به فيما كان منفياً مدفوعاً. يقول القائل مقرراً: أفعلت هذا؟ إذا لم يكن فعله فأنكره. وألم أفعل كذا؟ إذا كان قد أتاه واكتسبه. والقرن: النظير في البأس. وموضع يركب ردعه نصب على الحال، أي راكباً ردعه. والردع: الدفع والكف. وتحقيق الكلام: أدفع القرن وقد ركب ردعي إياه فسقط. وقال الخليل: ركب ردعه ورديعه، أي خر صريعاً لوجهه. وذكر الركوب مثلٌ. ويجوز أن يكون المراد بالردع ما تلطخ به من الدم؛ ويقال ثوبٌ مردوع، إذا كان قد لطخ بالزعفران أو غيره. وذكر بعض أصحاب المعاني أن معنى ركب ردعه أي إذا كف لم يرتدع ومضى لوجهه، كأنه يتلقى الرجع بالركوب. وقال أبو العباس المبرد: هو من ارتدع السهم، إذا رجع النصل في سنخه متجاوزاً. قال: ويقال ركب البعير ردعه، إذا سقط فدخل عنقه في جوفه. ومنه ارتدع فلانٌ عن دينه. والذي قاله تحصيله ما أوردته وكشفته. وقوله وفيه سنانٌ يريد أنه مطعونٌ بسنانٍ ذي حدين صلبٍ. وموضع وفيه موضع الحال، والعامل فيه يركب، كما أن يركب في موضع الحال والعامل فيه أرد.
وأحتمل الأوف الثقيل وأمترى ... خلوف المنايا حين فر المغامس
قوله وأحتمل ينعطف على خبر ليس، وهو أرد، ويكون من جملة ما قررها به. والأوق: الثقل. ومعنى أمتري أي أمسح. والخلوف: جمع الخلف، وهو ما يقبض عليه الحالب. وقوله حين فر المعامس يروى المغامي بالغين معجمةً.