والتنديد بما يثيره، لما وجدوا غميزةً، ولا ظفروا بنقيصة. وذكر الأديم مثلٌ للعرض والأصل. والعد والإحصاء كنايةٌ عن الفحص والتنقير.
وإن نجاري يابن غنمٍ مخالفٌ ... نجار اللئام فابغنى من ورائيا
النجار: الأصل. وهذا تعريضٌ بالمخاطب، يقول: أصلي مخالفٌ لأصول الأدنياء، فاطلبني للمفاخرة إذا غبت عنك أو فتك. فأما إذا حضرت فإنك لا تقاومني ولا يستقيم لك مساجلتي. هذا إذا جعلت وراء بمعنى خلف، فإن جعلته بمعنى قدام يكون بمعنى ابغنى إذا تقدمتني. ومن طلب من تخلف عنه من قدامٍ لا يدركه. والكلام على هذا يكون تهكماً وسخريةً. فالمعنى في الأول والثاني: إنك لا تلحق شأوى فاطلبني طلب المعذر واليائس.
ويجوز أن يكون يريد: إني كريم الأصل، رفيع المحل، على الرتبة، ومن كان كذلك لا يظفر به، ولا يصطاد مثله إلا بالخضوع له والانقياد بالتذلل بين يديه، فا بغنى وأنت تابعٌ لي، وواطئٌ عقبي، حتى تنالني، وإلا لم تبلغ مرادك مني. ويقال: فلانٌ من وراء فلانٍ، إذا كان ناصراً له، وتابعاً. وأنشد ابن السكيت:
لعمرك ما كان القرنبى ورهطه ... بعمي ولا خالي ولا من ورائيا
وقال: المعنى ولا ناصرى. فأما قولهم الله من ورائك، فالمعنى طالبك ومترصدٌ لمكافأتك. فعلى القول الأخير يكون من ورائي في موضع الحال لضمير الفاعل في ابغ.
وسيان عندي أن أموت وأن أرى ... كبعض رجالٍ يوطنون المخازيا
ارتفع سيان على أنه خبر مقدم لقوله " أن أموت وأن أرى "، والمعنى: مثلان عندي موتي وأن أرى كمن يألف المخازي ويرضاها وطناً ومأوىً، ولا يأنس إلا بها، ولا يرجع إلا إليها. وهذا تعريضٌ بالمخاطب أيضاً. والسي: المثل. قال:
فإيا كم وحية بطن وادٍ ... هموز الناب ليس لكم بسي
ولست بهيابٍ لمن لا يهابني ... ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا