تمييز المحتاج، والنظر له، والإفضال عليه؛ لأن الكريم هو الذي لا يخليه فطنه، والتفاته ونظره. واللؤم: سوء التغافل.

وهذا كما قال الآخر:

إن الكريم من تلفت حوله ... وإن اللئيم دائم الطرف أفود

وقال آخر

إذا هي لم تمنع برسل لحومها ... من السيف لاقت حده وهو قاطع

ندافع عن أحسابنا بلحومها ... وألبانها إن الكريم يدافع

ومن يقترف خلقاً سوى خلق نفسه ... يدعه وترجعه إليه الرواجع

قوله إذا هي لم تمنع، يعني الإبل. فيقول: إذا لم يكن في النوق لبن تحمي نفوسها به من العقر عند نزول الضيفان لاقت حد السيف وهو يجزرها ويقطعها. ومثله قول الآخر:

وإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها ... على الضيف يجرح في عراقيبها نصلي

وأبلغ منهما قول الآخر:

فتى لا يعد الرسل يقضي ذمامه ... إذا نزل الأضياف أو تنحر الجزر

وقوله ندافع عن احسابنا بلحومها، يريد بإطعام لحومها، وسقى ألبانها لأن عادتنا تفرض علينا المدافعة عن الكرم، والمحاماة على الشرف، وذلك خلقنا الذي ننشأ عليه، وننبت فيه، ومن يتعاط خلقاً مستجداً مخالفاً لما ألفه وتعوده يفارقه ويرجع إليه الخلق الأول. ومثله قول الآخر:

كل امرىء راجع يوماً لشيمته ... وإن تخلق أخلاقاً إلى حين

والقرف يكون من الذنب والجرم، يقال: هو يقترف ذنباً، أي يأتيه ويفعله، ويقال أيضاً: هو يقترف لعياله، أي يكتسب. واقترف حسنة، أي اكتسبها. وقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015