الشنار، فنحن نهينها ونبتذلها صوناً للنفس، ولئلا يكون المال كالمالك لنا، إذ كان عمر الفتى عارية مستردة، فهو هالك وإن أمهل مدة، وما يقدمه يذكر به، فصيانة مروءتنا من أن ترث أو تهون، أجدى وأوجب من صيانة المال وتثميرها والضن بها. وقد اعترض بقوله والفتى ذاهببين الصفة والموصوف، لأن قوله هجان من صفة الإبل، كما ان لم تهن ربها من صفتها أيضاً. ولولا تأكد الجملة به لكان يقبح مافعل، لكون الاعتراض أجنبياً مما قبله وبعده. والهجان يقع على الواحد والجميع، وذلك أن فعالاً كما يكون جمعاً لفعيل، نحو ظريف وظراف، وكريم وكرام، وكبير وكبار، كسروا عليه فعالاً أيضاً، فقالوا: درع دلاص وأدرع دلاص، وبعير هجان وإبل هجان، لأن فعيلاً متواخيان في أنهما من الثلاثي، وفي موقع الزائد منهما، وفي عدد حروفهما، فيتشاركان في أحكامهما، وإذا كان كذلك فهجان وهو للواحد، كضناك وكناز وماأشبههما، وهجان وهو للجميع، كظراف وكبار. وقال: سيبويه: يدلك على أن هجاناً ليس كالمصادر التي وصف بها نحو ضيف وجنب وزور وماأشبهها، أنك تقول هجانان فتنتيه، وإذا كان مرصداً للتثنية فهو للجمع كذلك. ومعنى تكافأ فيها الصديق تماثل، من الكفء المثل في المال والحسب وغيرهما. والمراد بالصديق الجنس، يريد يتساؤون فيها، لا استئثار منا بشيء منها دونهم ولا تفرد، بل كل منا ومن الأصدقاء يتصرف فيه على مراده نافذاً أمره، وبالغاً حكمه. وقوله ويدرك فيها المنى الراغب، أراد الراغبين، أي إن العفاة وطلاب الخير إذا نزلوا بساحتنا نالوا أمانيهم منها كاملة لا يتخللها خرم، ولا يتسلط عليها ثلم.

وقوله ونطعن عنها نحور العدى، لما عدد الوجوه التي ذكر أنهم يصرفون أموالهم غليها، ويقتسمونها فيما ذكر في أثنائها أنهم يدافعون عنها الأعداء فعليها حافظ من محافظتهم، ودونها دافع من مدافعتهم، لا يطمع الأعداء في الإغارة عليها، ولا في احتجان شيء منها، بل يمتلكها وجهان: مثوية أو صنيعة وقوله ويشرب منا بها الشارب، أراد أنهم يسبؤون بها الخمر ويجعلونها في أثمانها. فهو في هذا وفيما سلكه كقول الآخر:

نحابى بها أكفاءنا ونهيها ... ونشرب في أثمانها ونقامر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015