بمعنى، وليس من بناء واحد، لأن صرصر رباعي وذلك ثلاثي. وجمادى، يريد به شهراً من شهور الشتاء وإن لم يكن جمادى في الحقيقة. وإنما وصف ما قد أشرف عليه المستنبح من أذى الريح والبرد والمطر، ليكون ذلك عذراً في الاستنباح وطلب النزول.

وقوله حبيب إلى كلب الكريم مناخه، يجوز أن يرتفع حبيب على أنه خر مقدم، والمبتدأ مناخه. ويجوز أن يكون صفة للمستبيح. وقد جعل خبر مبتدأ مضمر، فيرتفع مناخه على أنه مفعول لم يسم فاعله من حبيب. ويقال: أنخت البعير إناخة ومناخاً فبرك. واستغنى ببرك عن ناخ. وإنما حبب مناخ الضيف إلى الكلب لأنه يسعد بنزوله ويشركه في القرى المهيأ له. وأضاف الكلب إلى الكريم، لأن كلب اللئيم يعقر السابلة والمارة، ولا يعرف الاستضافة والاستنزال. وقوله بغيض إلى الكوماء لأنها تنحر. والكوماء: العظيمة السنام. وقوله والكلب أبصر مما وقع في أحسن موقع وشرف المعنى به وجاد البيت.

حضات له ناري فأبصر ضوءها ... وما كاد لولا حضأة النار يبصر

دعته بغير اسم هلم إلى القرى ... فأسرى يبوع الأرض والنار تزهر

فلما أضاءت شخصه قلت مرحباً ... هلم وللصالين بالنار أبشروا

قوله حضأت له ناري جواب رب المضمرة في قوله ومستنبح. ومعنى حضأت النار رفعتها وهيجتها له فأبصرها واستدل بها، ولولا رفعى النار وتهييجي إياها لكان لا يبصر الطريق ولا يرى مستدلاً به. وفصل بين كاد وخبره بقوله لولا حضأة النار، وفي كاد ضمير المستنبح، لولا ذلك لما جاز أن يقال: زيد كاد يخرج، لأن الفعل لا يلي الفعل.

وقوله حضأة ارتفع بالابتداء وخبره محذوف استغنى بجواب لولا عنه، وجواب لولا في قوله: وما كاد يبصر لولا حضأة النار. وقوله دعته بغير اسم يريد: دعت الضيف النار، كأنه سمي استدلاله بها وتصور النار له دعاء منها وإجابة من الضيف. وقوله بغير اسم إنما نكره ولم يقل بغير اسمه، لأن المدعو قد يدعى باسمه، وبكنيته، وبلقب له، وباسم جنسه، وبصفة له، كقولك يا رجل، ويا فتى، ويا مقبل، ويا راكب، ويا فلان، ويأبا فلان. والنار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015