ليسوا بأنكاس ولا ميل إذا ... ما الحرب شبت أشعلوا بالشاعل

أجرى قوله: " القائلين " مجرى قوله المتكلمين والناطقين، لذلك عداه بالباء فقال " بالقضاء الفاصل ". ومثله قول عمر بن أبي ربيعة:

بحاجة نفس لم تقل في جوابها ... فتبلغ عذراً والمقالة تعذر

أي لم تتكلم. ومما يدل على ذلك قوله " فلا يعاب كلامهم " ولم يقل قولهم. ويقال: فلان يقول بالإمامة، أي يدين بها ويعتقدها مذهباً. فيجوز أن يكون قوله على هذه الطريقة. وإنما وصفهم بأنهم مفوهون خطباء يفصلون الأمور عند المجامع بالحكم العدل، والقضاء الفصل، ولا يتجاوز مرسومهم، ولا يعاب مقضيهم؛ ثم إذا حضروا الحرب وأوقد نارها فليسوا فيها بضعاف العقد.

والأنكاس: جمع النكس، والنكس أصله في السهام، تنكسر فيجعل أسفلها أعلاها فتضعف. والميل: جمع أميل، وهو الذي لايستقيم على الدابة. وقوله " أشعلوا بالشاعل " يقول أوقدوا وهيجوا. والشاعل يجوز أن يراد به يسير الايقاد، والإشعال له تقويته، والباء مقحمة، والمراد أشعلوا الشاعل وقووه وزادوا فيه. ويجوز أن يراد بالشاغل ذا الشعل أو الإشعال أو الاشتعال، ويكون معناه المشعل، كما يقال: لابن وتامر، وحينئذ يكون الباء داخلاً على حده. والمعنى أشعلوها بالمشعل. ويقال: أشعلت الخيل في الغارة فشعلت وهي شاعلة، وأشعلت النار في الحطب فاشتعلت.

وقالت حبيبة ابنة عبد العزى

أإلى الفتى بر تلكأ ناقتي ... فكسا مناسمها النجيع الأسود

إني ورب الراقصات إلى منىً ... بجنوب مكة هديهن مقلد

أولى على هلك الطعام أليةً ... أبداً ولكني أبين وأنشد

تريد أتتلكأ ناقتي، أي أتتحبس وتتبطأ، فحذف إحدى التاءين تخفيفاً، لأن الإدغام ممتنع هنا. وبر: اسم الممدوح. والمعنى الإنكار والإستفظاع، وإن كان اللفظ على الاستفهام. وانجر بر على البدل من الفتى، والمراد أن ذلك لايكون، ثم دعت على ناقتها بالعرقبة فقالت: إن تأخرت أو تلومت في المسير فعقرها الله حتى يسيل دم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015