الأصل، والمراد به هنا مركب الرأس في العنق. ونضى السهم: قدحه، وهو ما جاوز من السهم الريش إلى النصل. وأنشد الخليل في ذلك:
فمر نضى السهم تحت لبانه ... وجال على وحشية لم يعتم
والأمم: جمع أمة وهي القائمة؛ يقال: ما أحسن أمته. وقوله راحوا تخالهم مرضى من الكرم، أي من الحياء. وصفهم بالصرامة والنفاذ في الأمور، فكأنهم السيوف؛ وبطول القوام وحسن الشطاط، وباستعمال العطر وكرم النفس وشدة الحياء بعد الشرب، وبتمام الأبهة والمروءة في مجالس الأنس. وهذا وإن لم يصرح به فهو متبين من فحوى: إذا إذا المسك راحوا وكأنهم مرضى. على ذلك رسم الاصطباح، وعادة كرام شراب الراح.
وقال آخر:
فإن تكن الحوادث حرقتني ... فلم أر هالكاً كابني زياد
هما رمحان خطيان كانا ... من السمر المثقفة الصعاد
تهال الأرض أن يطئا عليها ... بمثلهما تسالم أو تعادي
يقول: إن كانت نوائب الزمان أثرت ي وأزالت تحملي بالصبر، وتجلدي لريب الدهر، فإني لم أر فيمن شاهدتهم هالكاً كهذين الرجلين؛ وابنا زياد لم يكونا منه بسبيل، لا قربي ولا قرابة، ولا آصرة ولا وسيلة، فيكون الكلام تأبيناً والشعر مرثية؛ وإنما كان من جملة من تأذى بهم، وساقوا الشر إليه بسعيهم، لكنه شهد لهما بما شهد، مورداً الحق، وتابعاً الصدق، فهو بالمدح أشبه منه بالمراثي، إذ كان الرثاء من شرطه التوجع والتحزن وقد عدما هنا، والثناء على العدو ثناء على نفسه. ويجوز أن يكون المراد: لي بهما على فضلهما ونفاذهما وتقدمها، أسوة في الرضا بما قدر لي، والصبر على حكم به علي، ولأن الأرض لو هابت ماشياً على ظهرها، لكانت تهاب هذين لما أوتيا من قدرة، وأبلغنا من عز وقوة. وشبههما برمحين استواء خلقة وامتداد قامة، وسرعة نفاذ وحسن وجه. والسمرة في ألوان الرماح محمودة. والصعدة: القناة تنبت مستوية. وقوله من السمر