وقوله إلا تخذماً انتصب تخذما على أنه مصدر في موضع الحال. والخذم: سرعة القطع، وفي التخذم زيادة تكلف. ويقال: سيف خذوم ومخذم. وقوله يكتالون كيلاً وضع كيلا موضع الاكتيال، كما وضع النبات موضع الإنبات، في قوله تعالى: " والله أنبتكم من الأرض نباتاً ".
إن البيوت معادن فنجاره ... ذهب وكل بيوته ضخم
عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إن النساء بمثله عقم
متهلل بنعم، بلا متباعد ... سيان منه الوفر والعدم
نزر الكلام من الحياء تخاله ... ضمناً وليس بجسمه سقم
المعادن: جمع المعدن، وهو من عدن بالمكان إذا أقام عدنا وعدوناً، وقيل: بل هو من قولهم عدنت الحجر، إذا قلعته، لأن المعدن يقلع منه ما ضمن، ويرتجع منه ما اودع. وفي القرآن: " جنات عدن "، أي جنات إقامة. والمراد أن البيوت الناس وأصولهم مختلفة المسبر، متفاوتة المخبر، تتفاضل تفاضل المعادن، ونجار هذا الرجل أفضل النجر فهو كالذهب الإبريز. ويقال: هو من نجر كريم ونجار كريم، أي أصل كريم. وقوله وكل بيوته ضخم أي هو من أطرافه: أعمامه وأخواله، عظيم الشأن نبيه. وإنما قال ضخم لأن المراد بكل الاتحاد، أي كل واحد من بيوته. ومثل كل كلا لأن كلا يراد به مرة الجميع ومرة الاتحاد، وكذلك كلا يراد به مرة التثنية ومرة الاتحاد. وقد ذكرت أمرها مشروحاً في غير هذا الكتاب.
وقوله عقم النساء أصل العقم المنع، ويقال: عقمت المرأة وعقمت الرحم عقماً بضم العين فعقمت، وهي معقومة بناء على عقمت، وعقيم بناء على عقمت، ولهذا يجمع عقيم على عقم، لأنه فعيل بمعنى فاعل، ولم يلحق به الهاء للمؤنث لأن المراد به النسبة، فهو كقولهم طالق وحائض. ولو كان عقيم كجريح وصريع في أنه فعيل بمعنى مفعولة لوجب أن يقال في الجمع عقمى، كما قيل جرحى وصرعى. ويقال: رجل عقيم، وريح عقيم، والدنيا عقيم، والملك عقيم.