وقال آخر:
ومستنبح يستكشط الريح ثوبه ... ليسقط عنه وهو بالثوب معصم
عوى في سواد الليل بعد اعتسافه ... لينبح كلب أو ليفزع نوم
كشط واستكشط بمعنى. فهو كعجب واستعجب. والكشط يقارب الكشف. ويقال: كشط الجلد عن الجزور، ويستعمل في الجزور خاصة كثيراً ولإن أجرى على غيره أيضاً. والجلد يقال له الكشاط؛ يقال: ارفع عنه كشاطه. والمعصم والمستعصم واحد، وهو المستمسك بالشيء. وإنما أراد أن يصور حال المستنبح وما هو ممنو به من البرد والريح.
وقوله عوى في سواد الليل أي نبح وصاح. وفي المثل السائر: لولك عويت لم أعو. وأصله المستنبح أجابه الذئب. ويقال فلان ما يعوى ولا ينبح إذا استضعف. ويقال للداعي إلى الفتنة: عوى، تشبيهاً له بالكلب وإزراء به. فأما قولهم للحازم: والاعتساف: الأخذ في الطريق على غير هداية. وإنما قال أو ليفزع نوم لأنهم إذا انتبهوا لصوته أجابوه أو رفعوا النار له وذلك على حسب مكانه في القرب والبعد. وجواب رب: عوى.
فجاوبه مستسمع الصوت للقرى ... له مع إتيان المهبين مطعم
يكاد إذا ما أصبر الضيف مقبلاً ... يكلمه من حبه وهو أعجم
يعني بمستمع الصوت: الكلب. ويقال: استمع بمعنى سمع، فهو كاستعجب وعجب. وإنما قال مع إتيان المهبين مطعم لسعة عيش الكلب فيما ينحر للضيف. والمهبون: الأضياف. ويقال: هب من منامه، وأهببته. وقوله يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلاً يكلمه، أي يكاد الكلب يلكم الضيف حباً له إذا أقبل، على عجمته. وانتصب مقبلاً على الحال، والكلب مما يوصف به