أي تأوى الفرق القليلة إلى الجمع، لتعيش بعيشهم. فيقول: إني أنزل على الطريق وأبني عليها قبتي، وقد مد رواقها ورفع سمكها لتمتد العيون إليها، ويغشاني ذوو الحاجات فيها. وكذلك أحل التلاع والنشاز تشهيراً لمكاني، وتعرضاً لتعليق الآمال بي إذا اشتد الزمان، وأوثر الخمول والاندفان. والقباب يتخذها الرؤساء، فلذلك خصها بالذكر، ولم يرض بذلك حتى جعل لها روافاً ممدوداً، وموضعاً له من الطريق مغشياً موطوءاً.
ولمثل ذلك قال أبو تمام:
لولا بنو جشم بن بكر فيكم ... رفعت خيامكم بغير قباب
والنشز: ما ارتفع من الأرض. والربى: جمع ربوة. ولم يرض بالحلول حتى وصله بالإقامة. وقوله إن امرأ جعل الطريق لبيته طنباً، أراد جعل الطريق موضع طنب بيته، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. ويجوز أن يكون على القلب، أراد: جعل طنب بيته للطريق، أي مما يليه، ثم لم يقم بحقه ولم يلتزم مايجب عليه فيه، للئيم. وإنما أعاد هذا الذكر تأكيداً لما يأتيه، واعترافاً بالواجب فيه. والأطناب: حبال البيوت، قال الشاعر:
تقطع أطناب البيوت بحاصب
وقد تسمى عروق الشجر أطناباً على التشبيه، وهذا كما سميت أذناباً وأشطاناً. قال:
.....................تستقي ... بأذنابها قبل استقاء الحناجر
وقال آخر:
أشطانها في عذاب البحر تستبق