آخر:
ما أنا بالساعي إلى أم عاصم ... لأضربها إني إذاً لجهول
لك البيت إلا فينة تحسنينها ... إذا حان من ضيف على نزول
قوله لأضربها اللام منها لام كي. فإن قيل: كيف يكون كذلك وفي صدر الكلام ما النافية، ولم لا يكون لام الجحود؟ قلت: لام الجحود تقع بعد ما كان وما تصرف منه، كقول الله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ". وكقولك: ما كنت لأشتمك، لأنه جواب قول قائل: كنت ستشتمني، فأجيب: ما كنت لأشتمك، ولهذا لم يظهر معه لأن الناصبة للفعل وإن جاز ظهورها مع لام كي. وإذا رقع لغواً لافتقار ما قبلها إلى ما وقع بعدها. والجهول: الكثير الجهل وبناؤه للمبالغة. وهذا الكلام خارج على سبب، كأنه رأى إنساناً يضرب امرأته ويحول بينها وبين تدبيرها دارها، فنفى عن نفسه مثل ذلك بعد ان اعتقد فيه أنه يقتدي به حتى كأنه أجاب من قال له: أكنت لتضرب أم عاصم؟ فقال: ما انا بالساعي لذلك. وبين أن ذلك يفعله المتناهي في الجهل والغباوة. وقوله لك البيت إلا فينة حكى أو زيد أن قولهم فينة مما يعتقب عليه تعريفان: أحدهما بالوضع، والآخر بالآلف واللام، ومثله شعوب والشعوب، والمراد به المنية، كما أن المراد بالفنية الوقت. كأنه أقبل على امرأته فقال: إليك تدبير البيت ولك الأمر فيه نافذاً إلا وقتاً تحسنين فيه، وهو وقت حين نزول الضيف فيه علي، لأنه من أجله يجب أت تحسني إليه فيه، وتدبري له لا عليه، لأن البيت كأنه له ونحن من حوله. وقوله تحسنينها قدر الظرف تقدير المفعول الصحيح، كما قال:
ويوم شهدناه
وما أشبه. ويروى بعضهم: إلا فينة تحسبينها أي تظنين فيها أنه لغيرك لا لك، ويكون على هذا قد حذف مفعولاً يحسب وشغل بضمير الفينة. والمعنى في ذلك: تجعلين النظر له والتجمل، والاحتفال بسببه. وانتصب إلا فينة على الاستثناء