وإنما قال: أدعي أباهم، لأنه يقال للمضيف: أبو المثوى، وللمضيفة: أم المثوى. ولم أقرف بأمهم أي لم أتهم. والقرفة؛ التهمة. ومعنى عمرت: بقيت حياً. وقصد الشاعر أن ينبه على أنه لا عواطف بينهم، ولا أواصر تجمعهم، وقد التزم ما التزم لهم تكرماً واصطناعاً. ثم نبه على طرفيه فقال: أخوالي بنو مطر أنتمي إليهم وهم منجبون، وأعمامي بالفضل والإفضال معروفون، ونجل الجواد جريه يتقيل.

آخر:

ومستنبح قال للصدى مثل قوله ... حضأت له ناراً لها حطب جزل

فقمت إليه مسرعاً فغنمته ... مخافة قومي أن يفوزوا به قبل

فأوسعني حمداً وأوسعته قرى ... وأرخص بحمد كان كاسبه الأكل

قوله ومستنبح يريد به رجلاً ناكده الزمان في صفره، أو لم تساعده الحال فيه على مؤنه، فاستنبح كلاب الأحياء ليهتدي إليهم، فأقبل الصدى يحاكيه، ويؤدي إليه مثل صوته. ومعنى حضأت له ناراً فتحت عينها لترتفع وتلتهب وقد أوقدت بغلاظ الحطب وكبارها، فقمت إلى الضيف متعجلاً، واستغنمت خدمته مسارعاً لئلا أبادر إليه فيغتمنه غيري، ويفوز به سابقاً لي. وقوله حضأت له ناراً، جواب رب.

وانتصب مسرعاً على الحال، ومخافة قومي مفعول له، أي فعلت ما فعلت لهذه العلة فأكثر الضيف من إطرائي وتزكيتي، وشكري وتقريظي، وأكثرت القرى له محتفلاً ومتكثراً، ومتودداً ومتكرماً، وما أرخص حمداً جالبه أكل، وكاسبه إطعام. وقوله كان كاسبه أكل جعل النكرة اسم كان، والمعرفة خبراً. وابهام الحاصل من التنكير في هذا الموضع أبلغ في المعنى المستفاد. ومثله قول النابغة:

كأن مدامة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء

وإن شئت رويت: وأرحص بحمد كان كاسبه الأكل؛ وأمره ظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015