دلفت إلى صميمك بالقوافي ... عشية محفل فهتفت فاكا
وصدق ما اقول عليك قوم ... عرفت أباهم ونفوا أباكا
الصميم: الخالص من النسب والفخر. وجعل له ذلك على طريق الهزء، فهو كقول الله تعالى: " ذق إنك أنت العزيز الكريم ". يقول: ما كان من حسبك خالصاً، ومن نسبك صافياً لا شوب فيه ولا لبس دونه، أبطلته بقوافي، وزيفته حين اختلفا في المجمعة بمرامى، فهتمت أسنانك، وأخرستك في دعاويك. والهتم: كسر الثنية من الأصل، وجعل الفم كناية عن الأسنان. أي جعلتك بحيث لا معض لك، ومشهدنا مشهود، وأهل التمييز حضور، وصدقني من له القدمة والسابقة عليك، وأنت تعرفهم وتعرف أوليتهم، وهم ينكرون سلفك، ويبطلون دعاويك.
ومن أنتم إنا نسينا من أنتم ... وريحكم من أي ريح الأعاصير
وأنتم أولى جئتم مع البقل والدبا ... فطار وهذا شخصكم غير طائر
فلم تسمعوا إلا بمن كان قبلكم ... ولم تدركوا إلا مدق الحوافر
قوله إنا نسينا من أنتم يجوز أن تجعل من استفهاما، وقد كرره، وعلق نسينا قبله، وإن لم يكن من أفعال الشك واليقين، لأنه أجراه مجرى نقيضه، وهو عرفت وذكرت؛ وهم يجرون النظير مجرى النظير، والنقيض مجرى النقيض. وقد مر له نظائر. ويجوز أن نجعل من بمعنى الذي. وقد حذف صلته، كأنه قال: إنا نسينا الذين هم أنتم والأول أوجه. ونظير الأول عند أصحابنا البصريين قوله تعالى: " لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا ". وفي باب الذي قوله تعالى: