كأنكم إذ قمتم تنحرونها ... براذين مشدود عليها لبودها
فما فتح الأقوام من باب سوءة ... بني قطن إلا وأنتم شهودها
يقررهم على تقبيح ما كان منهم، فيقول: خبروني أي العادتين أقرب إلى الكرم، وأحرى في وفاء الشيم: أعادة من يستنزل الأضياف عن أموالهم وينقص ما توفر لهم، أم عادة من يزيدهم ويثمر حظوظهم. وقوله عادة انتصب على التمييز. وإذا نزل ظرف لقوله أمن ينقص الأضياف. وكرر لفظ الأضياف ولم يأت بالضمير على عادتهم في تكرير الأعلام والأجناس، وقد مضى مثله. وقوله كأنكم إذ قمتم تنحرونها براذين شبههم في العجز والثقل وقلة الغناء، والتباطؤ والبلادة، بالبراذين، وهم يضربونها مثلاً للمذموم. وجعلها شدت اللبود عليها تقبيحاً لصورها. وقوله: فما فتح الأقوام من باب سوءة، يريد: لا يسبق طوائف الناس وفرقهم إلى خصلة مذمومة أو سوءة مشوهة منكرة إلا وبنو قطن حضورها؛ أي لا يمكن الإغراب في المخازي عليهم، لأنهم السابقون في البدار إلى كل عار، والأولون عند الولوج في كل باب، والحاضرون لكل نكر وعاب.
ماذا ذكرتم من قلوص عقرتها ... بسيفي وضيفان الشتاء شهودها
فقد علموا أي وفيت لربها ... فراح على عنس بأخرى يقودها
قربت الكلابي الذي يبتغي القرى ... وأمك إذ تخذى إلينا قعودها
الرواية الجيدة: ماذا نكرتم. ويقال: نكرت الشيء وأنكرته واستنكرته بمعنى. فأما ذكرتم فمراده ماذا عيرتم فذكرتم من ناقة لغيري عقرتها حين عوبت إبلى لضيفان الشتاء بحضرتهم، وبمرأى منهم. وقد جرى رسم الكرام بمثل ذلك إذا دعت الحال إليه، موطنين أنفسهم للغرامة، ورد الاثنين بدل الواحد على الخصم فيه.