قولا لصخرة إذ جد الهجاء بها ... عوجى علينا يحييك ابن عناب
هلا نهيتم عويجاً من مقاذعتي ... عبد المقذ دعيا غير صياب
مستحقين سليمى أم منتشر ... وابن المكفف ردفاً وابن خباب
قوله يحييك، يجوز أن يكون في موضع الحال، أي عوجي محيياً لك هذا، ومثله: " فهب لي من لدنك وليا. يرثني وبرث " أي وارثاً. ويجوز أن يكون في موضع الجزم جواباً لقوله عوجى، وأجرى المعتل مجرى الصحيح. ومثله:
ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بن زياد
وهذا الكلام تهكم وسخرية. وإنما يخاطب صاحبين له يبعثهما على أن يبلغا بني صخرة ويبعثاها وقت تهيجها بالهجاء وكون تصرفهم فيه جداً منهم وهماً لهم على أن يعطفوا عليهم، ليسلم عليهم ابن عناب، يعني نفسه. وذكر التحية هاهنا عزء منه. وهذا كما قال الأخر:
تحية بينهم ضرب وجيع
إلا أن هذا في الأفعال، وابن عناب جعلها في الأفوال.
وقوله هلا نهيتم تقريع ولوم وتذكير بسوء تأتيهم، وقبح فعلهم. فيقول: هلا كففتم عن مفاحشتي عويجاً - وهو رجل منهم - وجعله عبد المقذ، أي لئيملاً ودعياً فيهم غير خالص النسب. المقاذعة: المفاحشة. ويقال: أقذع الرجل، إذا أتى بفحش. وانتصاب عبد المقذ يجوز أن يكون على البدل، ويجوز أن يكون على الذم، ويجوز أن يكون على الحال. والمقذ؛ منبت الشعر من مقدم الرأس ومؤخره. ويقال: فلان عبد القفا، وعبد المقذ، ويراد بالمقذ القفا. وهذا كما يقال في ضده: