تبحث الشاة عن مديتها ولا تكن كالباحث عن الشفرة، وإنما ينهي بهذا من يجني على نفسه فيما يأتيه، ويسعى في إهلاكه برجله، فيقول: لا يكونن سبيله سبيل الشاة التي كشفت عن المدية، وقد استترت عن الذابح، بظلفها، حتى ذبحت بها. ومعنى أثارت عن الحتف، أثارت عن المدية، ثم كان الحتف فيها. ففيه توسع. وهو يقيمون السبب مقام المسبب كثيراً. واغتال: افتعل من الغول، وهو الهلاك. والمغول: السكين، وقد اشتهرت بها إذا جعلت في وسط السوط فصار كالغلاف لها. وقوله وآخر عهد لها مونق غدير، يعني الشاة بعد إثارتها السكين. وهو إظهارها إياها. فيقول: كان آخر عهدها المعجب لها روضة قد أبقلت، وغديراً امتلأ ماء وكان شبعه وريه منهما، فبطرت وأثارت عن حتفها حتى هلكت. ولك أن تروى مونق بالرفع، فيكون صفة لآخر عهد، ومونق بالجر فيكون للعهد. وجعل الإيناق للعهد لأن المراد بالعهد المعهود، وهو المرعي المعجب. ويجوز أن يجعل المونق من صفة الغدير وقد قدم عليه، وجعل هو بدلاً منه، ويكون التقدير: وآخر عهد لها غدير مونق وجزع مبقل. ويقال: أبقل المكان فهو باقل ومبقل. وأفعل فهو فاعل شاذ ليس بكثير.
كأن مرعي أمكم إذ بدت ... عقربة يكومها عقربان
إكليلها زول وفي شولها ... وخز أليم مثل وخز السنان
كل عدو يتقي مقبلاً ... وأمكم سورتها بالعجان
قوله كأن مرعى أمكم، يجوز أن يكون مرعى اسماً لها، وأمكم بدلاً منه، ويجوز أن يكون لقبها الشاعر به. وسئل الأحنف عن شيء من أمور النساء، فقال: الرجال حمى والنساء مرعى، فعدت من سقطاته. ومثل قوله عقربة يكومها عقربان قول الآخر:
كالجعلين ركبا دحروجاً ... دمامة ومنظراً سميجا
والعقربان: ذكر العقارب. والكوم: السفاد. وقوله إكليلها زول، كنى عن قرني العقربة بالإكليل. والزول: الخفيف الظريف. وقوله وفي شولها وخز أي