فقال: أباكن، ثم قال: يا ليلى، وهذا التخصيص مثل التخصيص الذي في قوله تعالى: " حافظواعلى الصوات والصلاة الوسطى "، ومااشبهه. وقوله فلا يك شبهاً لها المغزل، لو قال لكمم لساغ، لأنهم يفتنون في مثل هذا الموضع بين الخطاب والإخبار؛ على هذا قول الله تعالى: " وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله "، قرىء: " لا يعبدون " بالياء والتاء فالتاء للخطاب، والياء للإخبار. والرسالة التي يريد إبلاغها قوله:
فلا يك شبهاً لها المغزل
والمعنى لا يكونن سبيلكم سبيل من يتبع الغير ويضر نفسه، كالمغزل الذي يكسى الخلق ويجعل استه عريان. وهذا مثل. وكما ضرب المثل بالمغزل ضرب أيضاً له بالسراج فقيل:
ولا تكونن ذبالة نصبت ... تضيء للناس وهي تحترق
فأما قوله وينسل من خلعه الأسفل، فإنه كان يروى: من خلفه وليس يصح له معنى. والمستقيم كما روينا: من خلعه الأسفل. وذاك أن المغزل ينسل أسفله بأن يختلع كبته، وهذا ظاهر. وكأن سلامان كانت تقتحم أهوالاً غنمها يصير لغيرها، وغرمها يكون لها، فلذلك جعل المغزل مثلاً له.
فإن بجيراً وأشياعه ... كما تبحث الشاة إذ تذأل
أثارت عن الحتف فاغتالها ... فمر على حلقها المغول
وآخر عهد لها مونق ... غدير وجزع لها مبقل
قوله كما تبحث الشاة محمول على المعنى، لأن المعنى أن بحث بجير وأشياعه كبحث الشاة في ذألاتها، وهو جنس من عدوها، وذاك لأنه يشبه الحدث بالحدث، والذات بالذات، وإذا كان كذلك فقوله إن بجيراً حذف المضاف منه، لأن القصد تشبيه البحث بالبحث. وفي المثل: حتفها تحمل ضان بأظلافها، وكما