حكى ابن أعرابي: قالوا معد يكرب لأنه عدا الفساد. والكرب: الفساد.
ولما رأيت الخيل زوراً كأنها ... جداول زرعٍ خليت فاسبطرت
اسبطرت: امتدت، والسبطر والسبط بمعنى واحد. يقول: لما رأيت الفرسان منحرفين للطعن، وقد خلوا أعنة دوابهم وأرسلوها، وقرطوا آذانها بها، فكأنها أنهار زرعٍ أرسلت مياهها فامتدت بها. والتشبيه وقع على جري الماء في الأنهار لا على الأنهار، كأنه شبه امتداد الخيل في انحرافها عند الطعن بامتداد الماء في الأنهار، وهو يطرد ملتوياً ومضطرباً. وكما وصف الخيل في انحرافها بزورٍ وصفت أيضاً بنكبٍ، فقال بعضهم:
لأعدائنا نكبٌ إذا الطعن أفقرا
فالنكب: جمع أنكب، وهو الذي ينحط أحد منكبيه عن الآخر، كما أن الزور جمع أزور، وهو المعوج الزور. وهذا من التشبيه الحسن الصائب. وقوله: خليت فاسبطرت جعلاً للجداول على المجاز والسعة، لأن المياه هي التي تخلى وتمتد. وهذا كما يقال نهرٌ جارٍ، وإن كان الماء هو الذي يجري.
فجاشت إلى النفس أول مرةٍ ... وردت على مكروهها فاستقرت
فجاشت إلى النفس أول مرة. اعترض بعضهم فقال: لولا أنه جبن لما جاشت إليه النفس. قال: ومثله في الرداءة قول عنترة:
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم ... عنها ولكني تضايق مقدمي