مع قريش مشركًا، وكانت قريش نهت نساءهم وشعراءهم عن البكاء على قتلاهم حتى يتأثروا، فلم يبك عليهم حتى كان بعد أحد، وكان الأسود قد أصيب بثلاثة بنين زمعة وعقيل والحارث، وأحب أن يبكي عليهم ولم يحب أن يخالف قومه، فسمع يومًا بكاء ناشدة بعيرًا فقال لقائده، وكان قد كف بصره: أنطر ما هذا البكاء لعل قريشًا بكت على قتلاها فأبكى على أبي حكيمة يعني زمعة فقد احترقت كبدي، فقال هذا بكاء امرأة تنشد بعيرًا لها أضلته فأنشأ يقول:

(الأول من الوافر والقافية من المتواتر)

أتبكي أن يضل لها بعير ويمنعها من النوم السهود

فلا تبكي على بكر ولكن على بدر تقاصرت الجدود

ألا قد ساد بعدهم رجال ولولا يوم بدر لم يسودوا

تقاصرت الجدود أي تواضعت الحظوظ. المعنى: يستهين فقد المال، ويستعظم فقد النفوس ويعرض بأبي سفيان بن حرب لأنه رأس قريشًا.

(28)

وقال أبو تمام: ذكروا أن رجلين من بني أسد خرجا إلى ناحية من نواحي اصبهان فآخيا دهقانًا بها في ناحية يقال لها رواند فمات أحدهما، وغبر الآخر والدهقان ينادمان قبره، يشربان كأسين ويصبان على قبره كأسًا ثم مات الدهقان، فكان الأسدي ينادم قبريهما ويترنم بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015