"فحرك قليلاً –أسرع- ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة" والجمرة الحد الفاصل بين مكة ومنى، وهل هي في مكة أو في منى؟ خلاف بين أهل العلم، من الطرائف قول بعضهم أنها من منى مستدلاً بأن رميها تحية منى، فكيف يكون الرمي خارج موضع التحية؟ واستدل بعضهم أنها من منى قال: لأن رميها تحية منى، إذاً لا بد أن تكون في منى وإلا إيش معنى تحية منى؟ قال الآخر -الذي أرى أنها من مكة-: تُحيا والتحية تكون في خارج الشيء، كما أن الطواف تحية البيت وهو خارج البيت، هذه من الطرائف، والله المستعان.
على كل حال هي من الحرم بلا شك، وكونها من منى أو خارج المنى الاحتياط أن لا يبيت عندها، ليالي منى، وإن بات عندها على القول الآخر فلا بأس حينئذٍ، "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصياتٍ يكبر مع كل حصاة" هذا يدل على أن الحصى إنما ترمى متوالية، ولا يجوز رميها دفعةًَ واحدة؛ لأنه لو رماها دفعةً واحدة كان التكبير مرة واحدة، مثل حصى الخذف، مثل حبة الحمص أو الباقلا من غير زيادةٍ ولا نقصان؛ لأن الزيادة غلو ((بمثل هذا فارموا)) ((إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)) وتجد بعض الجهال يرمي بالحجارة الكبيرة وبالنعال وغيرها، "ورمى من بطن الوادي ثم انصرف" رمى من بطن الوادي، هذه الجمرة التي هي جمرة العقبة معروف أنها ملاصقة للجبل ولا يمكن رميها إلا من جهةٍ واحدة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- حين رماها جعل منىً عن يمينه، والبيت عن يساره واستقبلها فرماها، وإن كان بعضهم يختار أن يستقبل القبلة وهو يرمي، ويجعلها عن يمنيه.