"فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس" وهو في ذلك يخالف عمل المشركين الذين ينتظرون طلوع الشمس ويقولون: "أشرق ثبير كيما نغير". "وأردف الفضل بن عباس" هناك بين عرفة ومزدلفة أردف أسامة، وهنا بين مزدلفة ومنى أردف الفضل، الفضل بن عباس "وكان رجل حسن الشعر أبيض وسيماً" وبمثله تفتتن النساء، "فلما دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرت به ضُعن" الضعن جمع ضعينة، والأصل أن الضعينة الناقة التي تحمل المرأة، ثم أطلق على المحمول "مرت به ضعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن" والنظر غير مشروع، بل ممنوع {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(30) سورة النور] "ينظر إليهن، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على وجه الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر" وفي ذلك مخالف للأمر الإلهي، "فحول رسول الله -صلى الله عليه وسلم من الشق الآخر"، وفي رواية: "لوى عنقه"، فقال له العباس: "لويت عنق ابن أخيك"، لكن هل يؤثر هذا الكلام بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا يؤثر؛ لأن هذا من باب إنكار المنكر، فلا ينظر فيه إلى عم، ولا إلى ابن عم، لا ينظر في مثل هذا إلى عم ولا إلى ابن عم، فإذا أمكن إزالة المنكر باليد، مع الأمن من الآثار المترتبة على الإزالة، المفاسد، تعيّن ولا يعدل عن الإنكار باليد إلا مع العجز، ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) أمر، والأصل في الأمر الوجوب، ((فإن لم يستطع فبلسانه)) أما مع القدرة فالمتعين التغيير باليد، إذا أمكن لأحد إيش المانع؟ إذا أمكن بهذا الشرط، الذي لا يمكنه التغيير باليد يكون غير مستطيع، وحينئذٍ ينتقل إلى اللسان، وهذا أيضاً حسب الإمكان، فإذا ترتب على التغيير باللسان مفسدة أعظم من هذا المنكر ينتقل إلى ما يليه، وهو التغيير بالقلب.
"يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر، حتى أتى بطن محسر" وادٍ بين مزدلفة ومنى، ليس من مزدلفة ولا من منى، وبعضهم يقول: هو من منى، سمي بذلك لأن الفيل حسر فيه، أي أعيى وتعب وعجز.