والحركة، وغير ذلك من الصفات القائمة بالموصوفات.
وهذا يشبه نزاع الناس في أن الصفات هل هي زائدة على الذات أم لا؟ فمن أراد بالذات [الذات المجردة] فالصفات زائدة عليها، ومن أراد بالذات [الذات الموصوفة] فليست الصفات مباينة للذات الموصوفة بصفاتها اللازمة لها.
ثم إن هؤلاء زعموا أنهم ينفون هذه الأنواع، فأما [الأنواع الأربعة] فمن قال: إنها منتفية عن المخلوق فهي عن الخالق أشد انتفاءً، وأما [النوع الرابع] : فمن نازع في أن الصفات هل هي زائدة على الذات أم لا؟ فهذا نزاع لفظي، ومن نازع في ثبوت هذه الصفات في نفس الأمر، ونفي أن يكون لله علم وقدرة ومشيئة، وجعل هذه الصفة هي الأخرى، والصفة هي الموصوف، فهذا قوله معلوم الفساد بعد التصور التام.
وإذا علم أنه ـ سبحانه ـ حي عليم قدير، ومعنى كونه حيًا ليس معنى كونه عليمًا، ومعنى كونه عليمًا ليس معنى كونه قديرًا، فهذا هو إثبات الصفات.
فإن قال القائل: إن معنى كونه عليمًا هو معنى كونه مريدًا قديرًا حيًا، فهذا مكابرة. وكذلك إذا ادعى أن هذه المعاني هي معنى الذات الموصوفة بها. وإن اعترف بثبوت هذه المعاني لله، وقال: أنا أنفي أن يكون الله مفتقرًا إلى ذوات أو معان بها يصير حيًا عالمًا قادرًا، فهذا مناظرة منه لمثبتة الأحوال كالقاضي أبى بكر وأبى يَعْلَى، وغيرهما ممن يقول: إن له علمًا وعالمية، وعالميته معنى زائد على علمه.
وهذا القول: قول بعض الصفاتية؛ وجمهورهم ينكرون هذا، ويقولون: بل معنى العلم هو معنى العالم
وفي مسائل الصفات ثلاثة أمور:
أحدها: الخبر عنه بأنه حي عليم قدير، فهذا متفق على إثباته، وهذا يسمى الحكم.
والثاني: أن هذه معان قائمة بذاته، وهذا ـ أيضًا ـ أثبته مثبتة الصفات ـ السلف والأئمة، والمنتسبون إلى السنة من عامة الطوائف.
والثالث: الأحوال , وهو العالمية والقادرية، وهذه قد تنازع فيها مثبتو الصفات ونفاتها، فأبو هاشم وأتباعه يثبتون الأحوال، دون الصفات، والقاضي أبو بكر، وأتباعه يثبتون الأحوال والصفات، وأكثر الجهمية والمعتزلة ينفون الأحوال والصفات.
وأما جماهير أهل السنة، فيثبتون الصفات دون الأحوال، وهذا لبسطه موضع آخر.
والمقصود هنا الكلام على التركيب لفظًا ومعنى، وبيان أن هؤلاء لهم فيه اصطلاح مخالف لجمهور العقلاء، وأنهم مضطرون إلى الإقرار بثبوت ما نفوه، ولكن هؤلاء يقولون: هذا اشتراك، والاشتراك تشبيه، ويقولون: هذه أجزاء، وهذا تركيب من هذه الأجزاء، ثم إنهم لا يقدرون على