وإذا تحقق أن جميعهم يقولون به، هل جميعهم فيه على درجة واحدة؟
ولتوضيح الاختلاف في الدرجة نضرب لذلك مثلاً: الفناء عند الصوفية، قوم من الصوفية يفسرون الفناء تفسيراً كالفناء عن وجود السوى، يقول شيخ الإسلام: "هذا الفناء كفر".
أما الفناء عن شهود السوى فهو فناء بدعي لا يصل إلى حد الكفر، أما الفناء عن إرادة السوى، فإن ابن تيمية يقول عنه: "وهذا الفناء هو فناء الأولياء وأهل الإيمان، وإن لم يذكروا هذه التسمية عند محققيهم"، وهذا مع أن المصطلح كله يسمى الفناء.
وإذا كانت الأسماء في كتاب الله تشترك، فمن بابٍ أولى أنها تشترك في أسماء حادثة ليست من أسماء الديانة.
ومن أمثلة الاشتراك في الأسماء في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) فقد علق الكفر على السماع به صلى الله عليه وسلم؟
والله سبحانه تعالى يقول في القرآن عن الكفار: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال:23]، فكأن الكفار لم يسمعوا، مع أن الكفار سمعوا قطعاً!
نقول: لا تعارض بين الآية والحديث ولا بين القرآن بعضه مع بعض.
وهذا يدل على أن: الفقه الفقه للأسماء، وقد قال الإمام أحمد: "أكثر ما يخطئ الناس من جهة المجمل والقياس"، ويقول شيخ الإسلام: "قالت الفلاسفة: إن أكثر اختلاف العقلاء من جهة الاشتراك في الأسماء".
إذاً: اسم التشيع ليس وحده كافياً للتكفير، فإن من الشيعة قوماً من أهل الصلاح والتقوى وإن كانوا أهل بدعة، كبعض الشيعة المفضلة الذين كانوا في التاريخ الإسلامي، والذين ليس عندهم إلا بدعة التفضيل لـ علي بن أبي طالب على أبي بكر وعمر، مع ثنائهم على أبي بكر وعمر، وليس عندهم بدعة غير تلك، فهؤلاء يقول ابن تيمية عنهم: "هذه طريقة فضلاء الزيدية، فهؤلاء يعدون في أهل السنة والجماعة وإن كان قولهم بدعة".