وقد يقول قائل: جميع الطائفة المعينة يقولون بهذا القول؟
نقول: هذا يحتاج إلى تحقيق، وإذا نسب ناسب من أهل المقالات أو حتى من الطائفة نفسها قولاً إلى طائفة فإنه لا يلزم أن تكون هذه الطائفة مطردة على هذا القول، بل قد يقع فيهم خلاف ..
هذه جهة.
ولو سلم أن ثمة اطراداً فلابد من التحقق -وهذه مسألة لابد من فقهها في مسائل التكفير- من تفسير المعاني، فإن المعنى قد يكون مجملاً وينطق به قوم، ولكن كل درجة من هذه الطائفة يفسرونه بحقيقة منتهاهم، فإن الطوائف وإن اشتركت في الأسماء إلا أن منها الغالية ومنها دون ذلك، كمسألة العصمة: فإن منهم من يفسرها بمقام من الابتداع، حتى إن قيل: إنه كفر، فإنه يكون من الكفر الذي يدخله قدر من التوهم، فلا يبادر إلى تكفير الأعيان.
ومن الغلاة الذين يقولون بمسألة العصمة: من يفسر العصمة بمقام من الكفر المحض، كالقول بأنهم يعلمون الغيب، وأنهم مقطوعون عن أثر النبي صلى الله عليه وسلم، أو أنهم أفضل علماً منه، أو أنهم يأخذون من اللوح المحفوظ مباشرة والنبي صلى الله عليه وسلم يأخذ بواسطة ..
هذه المعاني من التزمها فلا شك أنه كافر.
إذاً: الاسم الواحد من أسماء البدع قد يفسره أربابه بتفسيرين، ويكون بينهما اشتراك، ويكون كلاهما بدعة مخالفة للإجماع، بل قد يكون كلا التفسيرين عند هذه الطائفة لهذا الأصل من أصولهم تفسيراً كفرياً، لكن قسماً منهم يفسرونه تفسيراً غالياً؛ فيكون من الكفر المحض البين.
والقسم الآخر من هذه الطائفة يفسره بقول كفر أيضاً، ولكنه كفر يدخله قدر من التوهم.
إذاً: لابد من تحقق أمرين: أن جميع الطائفة تقول بهذا القول، وهذا يحتاج إلى تحقيق، ولهذا يخطئ من ينسب إلى جميع الشيعة أنهم يقولون بتحريف القرآن، فإنه وإن كان طائفة منهم يقولون بذلك، كما في الكتاب المعروف عندهم: "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب"، إلا أن هناك طائفة منهم لم يقولوا بذلك، فلا يجوز أن ينسب من لم يقل بهذا القول إليه عنوةً؛ لأن من الشيعة من قال به، فضلاً عن كون بعض علماء الشيعة قد صرح بإبطال هذا القول ونفيه.
إذاً: كل من قال قولاً والتزم بمعنى من معانيه أُخذ بهذا القول الذي قاله وبالمعنى الذي التزمه.
وأما أخذ الطوائف من أهل القبلة بالأسماء -سواء كانت أسماء طائفة أو أسماء بدعة- فهذا ليس بحكيم؛ لأن الطوائف تختلف، ولأن البدعة وإن اتفق اسمها إلا أن درجتها تختلف.
ومثال ذلك: اسم الإرجاء، فهو اسم مقالة بدعة: وهي بدعة الإرجاء، ومن بِدع الإرجاء بدعة الفقهاء الذين يقول الأئمة كـ شيخ الإسلام: "إنها من بدع الأقوال وليست من بدع العقائد".
وبالإجماع أنها ليست بدعة كفرية، لا من الكفر المحض ولا من غيره.
وكذلك من بدع المرجئة: بدعة مرجئة الجهمية المحضة التي هي كفر كما ذكره وكيع وابن مهدي وأحمد.
إذاً: قد يكون اسم البدعة مشتركاً، كما أن اسم الطائفة قد يكون مشتركاً، والنتيجة هنا: أن نتيجة تعليق التكفير بأسماء الطوائف أو أسماء البدع ليس كافياً وحده، بل لابد من اعتبار اطراد المعاني والتزامها ..
أي: هل جميع هذه الطائفة يقولون بهذا القول؟