الجهة الثانية: أن الاشتراك بين جملة من الأعيان في مقالة واحدة لا يلزم منه الاشتراك في تفصيلها، وإنما الاشتراك في التفصيل يكون بين أصحاب الطائفة الواحدة، بمعنى: أنه إذا نفى إمام من أئمة المعتزلة الصفات، وجاء آخر من المعتزلة فنفاها، وجاء الثالث والرابع ..
وهلم جرا، ففي الغالب أن من توارد على هذه الكلمة وهو منتسب إلى طائفة معينة كالمعتزلة يكون اشتراكهم في تقرير نفي الصفات مفصلاً، وإن كانوا قد يختلفون في التفصيل، لكنهم يحققون النفي -أي: يلتزمون النفي- بخلاف من عرض له قول كلي من أقوال أهل البدع، فإنه لا يلزم بالضرورة أنه يلتزمه بجميع تفاصيله.
إذاً النتيجة: أنه قد يشترك بعض الفقهاء من أصحاب السنة والجماعة الذين لم يحققوا مذهب السلف تحقيقاً تاماً، أو من يقاربهم، أو من يشاركهم حتى من المتقدمين في بعض الألفاظ المجملة، فيقولون قولاً قاله أرباب أهل البدع الذين أجمع السلف على ذمهم، لكن لا يلزم من الاشتراك في جملة قولية الاشتراك في تفصيلها.