وَبَعَثَ بِهِ إلَى قَاضٍ وَقَالَ ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدِي فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي احْتِرَامُ مَا ثَبَّتَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمُقْتَضَاهُ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ بِحُكْمٍ (قُلْتُ) الَّذِي حَقَّقَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَأَمَّا مَا ثَبَّتَهُ مِنْ الرَّسْمِ وَقَبُولِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْبِنَاءُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُنَا فِي قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ بَيْنَ الْمَازِرِيِّ وَمُنَازِعِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَظْهَرْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي إنَّ الثُّبُوتَ فِي الْمَقْضِيِّ بِهِ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ قَبُولُهُ لِلْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَيْهِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْحُكْمِ وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْفَتَاوَى وَالْأَحْكَامِ فِي السُّؤَالِ الثَّلَاثِينَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ وَشَهَرَ أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ إذَا قَامَتْ الْحُجَّةُ عِنْدَ الْقَاضِي وَتَوَفَّرَتْ الشُّرُوطُ وَانْتَفَتْ الْمَوَانِعُ قَالَ فَمَنْ شَهَرَ أَنَّ الثُّبُوتَ حُكْمٌ يُرِيدُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رِيبَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِيمَا ثَبَتَ لَا يَصِحُّ أَنَّهُ حَاكِمٌ بِاتِّفَاقِ هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَ فَأَنْتَ تَرَى تَشْهِيرَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ الْجَمَاعَةِ (قُلْتُ) كَلَامُ الْقَرَافِيُّ رَدَّهُ الشَّيْخُ وَابْنُ فَرْحُونٍ قَالَ وَهَذَا التَّشْهِيرُ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ لِأَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَهُمْ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ (فَإِنْ قِيلَ) هَذَا الرَّدُّ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ لَا مَا كَثُرَ قَائِلُهُ وَأَمَّا إنْ قُلْنَا بِهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورِ (قُلْنَا) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَا قَوِيَ دَلِيلُهُ وَعَلَى هَذَا يَقَعُ الرَّدُّ وَنُقِلَ عَنْ سِرَاجِ الدِّينِ أَنَّهُ قَالَ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَيْضًا فِي قَوَاعِدِهِ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَتَيْنِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الثُّبُوتِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ وَلَمْ يُشَهِّرْ وَحَقَّقَ هُنَاكَ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا اُنْظُرْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجَدُ بِدُونِ ثُبُوتٍ كَالْحُكْمِ بِالِاجْتِهَادِ وَذَلِكَ فِي قِسْمِ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يَقَعُ الثُّبُوتُ كَمَا فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا وَلَا حُكْمَ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ وَالثُّبُوتُ عِنْدَهُ قِيَامُ الْحُجَّةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَانْظُرْ مَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَسْأَلَةِ الْمَازِرِيِّ.
وَقَسَّمَ الْمَسْأَلَةَ إلَى قِسْمَيْنِ فَهَذَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ وَالثَّانِي مُسَمَّى اشْتَرَى هَلْ يَقْتَضِي ثُبُوتَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي لِلْمُشْتَرَى أَمْ لَا فَالْمَازِرِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ يَقُولُ بِعَدَمِ الِاقْتِضَاءِ وَخَصْمُ الْمَازِرِيُّ يَقُولُ بِخِلَافِهِ وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلُ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُقْتَضَى أَلْفَاظِ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي الْقَوْلُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ لِقَوْلِهَا فِي