الْأَرْضِ فَلَا يُعَدُّ إحْيَاءً يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ شَقَّ عُيُونًا مِنْ الْأَرْضِ وَحَفَرَ بِئْرًا لِغَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَغَرَسَ شَجَرًا وَبَنَى بِنَاءً
(فَإِنْ قُلْتَ) كَأَنَّ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَرَّفَ الْإِحْيَاءَ بِغَيْرِ مَعْلُومٍ لِلسَّامِعِ بَلْ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَقَعُ الْإِحْيَاءُ بِهَا وَفِيهَا مَا هُوَ إحْيَاءٌ بِاتِّفَاقٍ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَحَفْرِ الْبِئْرِ لِغَيْرِ الْمَاشِيَةِ وَفِيهَا مَا لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ بِاتِّفَاقِ وَفِيهَا مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَحَفْرِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ وَأَنْتَ تَرَى مَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ.
(قُلْتُ) أَحَالَ ذَلِكَ عَلَى نَظَرِ الْفَقِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْفَاهِمِ لِمِثْلِ هَذَا وَلَا يُخَاطَبُ إلَّا مَنْ مَارَسَ الْمَسَائِلَ الْفِقْهِيَّةَ وَخَتَمَ الْكُتُبَ أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا وَلَازَمَ الْمُطَالَعَةَ مَعَ خِيَارِ الطَّلَبَةِ فِيهَا وَلَعَمْرِي قَلَّ مَنْ يَعْتَنِي وَيَسْأَلُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِ الْعِلْمِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَضْلًا عَمَّنْ يُلَازِمُهَا (فَإِنْ قُلْتَ) دَامِرِ الْأَرْضِ لَمْ يُبَيِّنْهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ دَامِرَ الْأَرْضِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مِلْكٌ (قُلْتُ) دَامِرُ الْأَرْضِ لَقَبٌ عَلَى مَا لَا مِلْكَ عَلَيْهِ وَلِذَا قَالَ بَعْدُ بِقَرِيبٍ وَمَعْرُوضُ الْإِحْيَاءِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِذِي حَقٍّ قَالَ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ مِلْكٌ لِغَيْرِ إحْيَاءٍ وَقَالَ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِذِي حَقٍّ وَلَمْ يَقُلْ مِلْكٌ لِيُخْرِجَ بِذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إحْيَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْإِمَامِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ الرَّبُّ الْعَلِيمُ الْعَلَّامُ.
(م وت) : بَابُ مَوَاتِ الْأَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ ابْنِ غَانِمٍ مَوَاتُ الْأَرْضِ الَّتِي لَا نَبَاتَ لَهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [فاطر: 9] فَلَا يَصِحُّ الْإِحْيَاءُ إلَّا فِي الْبُورِ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِ بِنَفْعٍ قَالَ وَقَدْ تَبِعَ الْغَزَالِيُّ هُوَ وَابْنُ شَاسٍ وَتَرَكَا رِوَايَةَ ابْنِ غَانِمٍ وَهِيَ أَجْلَى لِعَدَمِ تَوَقُّفِ تَصَوُّرِ مَدْلُولِهَا عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَمُوجَبِهِ (قُلْتُ) وَنَقَلَ غَيْرُهُ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْمَوَاتَ الْأَرْضُ الَّتِي لَا مِلْكَ عَلَيْهَا مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَهَذَا مُغَايِرٌ لِلرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ إنَّ رِوَايَةَ ابْنِ غَانِمٍ أَجْلَى لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا مِرَارًا التَّرْدِيدُ فِي فَهْمِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
: