بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْجُعْلِ قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ " قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - " عَقْدُ " صَيَّرَ جِنْسُ الْجِعَالَةِ الْعَقْدَ وَلَمْ يَقُلْ بَيْعُ وَالْعَقْدُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْجِنْسُ الْأَقْرَبُ الْبَيْعُ فَهَلَّا قَالَ بَيْعُ كَمَا قَالَ فِي الْإِجَارَةِ وَيَكُونُ أَخْصَرَ فَيُعَبِّرُ بِقَوْلِهِ بَيْعُ عَمَلِ آدَمِيٍّ إلَخْ لَا يُقَالُ إنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَذَلِكَ أَخْصَرُ مِنْ الْعَقْدِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ أَعَمَّ مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّا نَقُولُ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ أَعَمُّ مِنْ بَيْعِ مَنْفَعَةٍ وَبَيْعُ مَنْفَعَةٍ أَخْصَرُ فَهُوَ أَقْرَبُ وَيُقَوِّي السُّؤَالَ أَنَّهُ عَبَّرَ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَعَلَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِخِلَافِ الْجِعَالَةِ نَاسَبَ فِي الْإِجَارَةِ الْبَيْعَ وَهُنَا الْعَقْدَ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ قَوْلُهُ " عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ " أَخْرَجَ بِهِ كِرَاءَ السُّفُنِ وَكِرَاءَ الْأَرَضِينَ وَكِرَاءَ الرَّوَاحِلِ قَوْلُهُ " بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ " أَخْرَجَ بِهِ الْمُسَاقَاةَ وَالْقِرَاضَ وَالْحَرْثَ.
(فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ يَخْرُجُ كِرَاءُ السُّفُنِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ وَلَمْ يَقُلْ شَرِكَةُ الْحَرْثِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ وَكِرَاءُ الرَّوَاحِلِ بِكِرَاءِ السُّفُنِ اخْتِصَارًا لِأَنَّ الْمُخْرِجَ لِلْجَمِيعِ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ وَشَرِكَةُ الْحَرْثِ شَارَكَتْ الْقِرَاضَ وَالْمُسَاقَاةَ فِي الْجُزْءِ النَّاشِئِ قَوْلُهُ " بِهِ " قَالَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا مَعْنَاهُ زِيدَ بِهِ خَوْفَ نَقْضِ عَكْسِ الْحَدِّ أَوْ رَسْمِهِ بِقَوْلِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا أَشْهُرًا أَوْ خَدَمْته أَشْهُرًا لِأَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ لِجَهْلِ عِوَضِهِ وَالْمُعَرَّفُ حَقِيقَتُهُ الْمَعْرُوضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ (قُلْتُ) هَذَا الْكَلَامُ كَانَ يَمْضِي لَنَا فِي فَهْمِهِ تَرَدُّدٌ. وَبَسْطُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ التَّعْرِيفَ لِمَاهِيَّةِ الْجُعْلِ الْمُطْلَقِ الْقَابِلِ لِلصَّحِيحِ وَفَاسِدِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ مُحَافَظَةً عَلَى طَرْدِهِ لِإِخْرَاجِ الْمُسَاقَاةِ وَالْقِرَاضِ لِأَنَّهَا نَشَأَتْ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ لَكَانَ رَسْمُهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ فَيُقَالُ فِيهِ حَافَظَ عَلَى طَرْدِهِ فَأَخَلَّ بِعَكْسِهِ فَإِنَّ صُورَةَ النَّقْضِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْجِعَالَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ شَارَكَتْ الْقِرَاضَ فِيمَا خَرَجَ بِهِ لِأَنَّ عِوَضَهَا نَشَأَ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ فَتَكُونُ خَارِجَةً وَالْمَقْصُودُ