ِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَالثَّمَنِ يُطْلَبُ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا إلَخْ وَيُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ كَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ وَهُوَ أَخْصَرُ مِنْهُ (قُلْتُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَجْرَ كَالثَّمَنِ طَلَبَ الشَّرْعُ فِيهِ الْمَعْرِفَةَ وَالْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ لَفْظِ الشَّرْطِ إلَى قَوْلِهِ يُطْلَبُ لِأَنَّ الطَّلَبَ أَخَفُّ مِنْ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ قَدْ يُطْلَبُ ابْتِدَاءً وَيُسْتَخَفُّ الْأَمْرُ إذَا وَقَعَ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالَ فِي الْبُيُوعِ جَهْلُ الثَّمَنِ مُطْلَقًا مَانِعٌ فَهَلْ هُوَ ضِدٌّ فِي الْمَعْنَى لِمَا ذَكَرَ هُنَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُقَالُ هُنَا يُطْلَبُ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا مُطْلَقًا وَهُوَ أَخْصَرُ (قُلْتُ) الْإِطْلَاقُ الْمَذْكُورُ فِي جَهْلِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ ذَلِكَ الْمُرَادُ بِهِ مَا جُهِلَ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَلِذَا فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ مَا يَخُصُّ كُلَّ قِسْمٍ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُطْلَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَيُقَابِلُ ذَلِكَ الْجَهْلَ بِالثَّمَنِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِهِ كَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ ذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا مَا شَابَهَ ذَلِكَ لَمَا كَانَ الْأَجْرُ فِيهِ مَجْهُولًا وَكَذَلِكَ ذَكَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَجِبُ تَعْجِيلُهُ مِنْ الْأَجْرِ وَمَا لَا يَجِبُ وَمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَذَلِكَ كُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ قَدْرًا وَصِفَةً وَقَالَ بَعْدُ إذَا كَانَ الْأَجْرُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ
(فَإِنْ قُلْتَ) ظَاهِرٌ شَرْطُهُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّ الْأَجْرَ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ يُطْلَبُ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا قَدْرًا وَصِفَةً فِي أَصْلِ الْعَقْدِ مُخَالِفٌ لِمَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ اُحْصُدْ زَرْعِي فَمَا حَصَدْت وَلَقَطْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ مَعَ أَنَّهُ حِينَ الْعَقْدِ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ وَلَا صِفَتَهُ (قُلْتُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَجَازَهَا فِيهَا عَلَى أَنَّهَا جِعَالَةٌ وَلِذَا قَالَ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ لِأَنَّهُ جَعَلَ وَذَكَرَ عَنْ الْغَيْرِ فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَوَجَّهَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَوْلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاكْتِفَاءَ فِي عِلْمِ قَدْرِ الْجُعْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَاعِلِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ نِسْبَتِهِ لِمَا يَحْصُلُ لَهُ وَلِلْمَجْعُولِ لَهُ بِعِلْمِهِ بِهِ حِينَ فَعَلَهُ أَوْ اشْتِرَاطِ عِلْمِ قَدْرِهِ فِي الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ وَذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَالَ اعْصِرْ زَيْتُونِي وَلَك نِصْفُ مَا عَصَرْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الزَّرْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُدْرَى كَيْفَ يَخْرُجُ بِخِلَافِ الْحَصَادِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.