لَعَلَّهُ لَمَّا قَالَ أَطْلِقُوهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِإِجْمَاعٍ وَلَمْ يَتَأَوَّلُوهُ وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى أَصْلِ الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ يُؤْذِنُ بِمُرَاعَاةِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لِمَا يُفْرَضُ لَهَا مَا يُقَوِّي حَقِيقَتَهَا وَهَذَا يُمْكِنُ الِانْفِصَالُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِغَيْبِهِ وَهُوَ الْمُوَفِّقُ وَقَدْ وُجِدَ مَا ذَكَرْنَا مَكْتُوبًا بِخَطِّ الشَّيْخِ عَلَى مُخْتَصَرِهِ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ سَيِّدِي عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كَتَبْته عَلَى مُخْتَصَرِهِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ حَيْثُ كَانَ يَصْعُبُ عَلَيْهِ فَهُمْ كَلَامِهِ قَالَ وَفِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَا تَرَاهُ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ حِينَئِذٍ عَلَى إدْخَالِ قَضِيَّةِ شُعَيْبٍ بِالْمَفْهُومِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ الْجُعْلُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الرَّسْمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُ صُوَرِ هَذَا الْبَيْعِ يَتَبَعَّضُ فَكَذَا بَعْضُ صُوَرِ الْجُعْلِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ عَلَى هَذَا حَشْوٌ وَحِينَ قِرَاءَتِنَا عَلَيْهِ مَا كَانَ يُقَرِّرُهُ عَلَى هَذَا أَعْنِي عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ مِنْ بَعْضُهُ عَائِدٌ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْعِوَضِ أَيْ بَعْضُ الْعِوَضِ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِ الْمَنْفَعَةِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إخْرَاجُ الْجُعْلِ قَالَ وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَدِّ عَلَى سَبِيلِ التَّرْتِيبِ فَذَكَرَ مَا يَخْرُجُ بِالْقَيْدِ الْأَوَّلِ أَوَّلًا وَمَا يَخْرُجُ بِالثَّانِي ثَانِيًا إلَى آخِرِهَا وَآخِرُ مَا ذَكَرَ فِيهَا الْجُعْلُ وَآخِرُ قَيْدٍ فِي الْحَدِّ هُوَ قَوْلُهُ بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا فَيَكُونُ عَلَى هَذَا التَّبْعِيضِ فَصْلًا لِعِوَضِ الْإِجَارَةِ أَوْ خَاصَّةً لَهَا إذْ مَا مِنْ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِ الْإِجَارَةِ إلَّا وَيَصِحُّ تَبْعِيضُ الْعِوَضِ فِيهَا لِأَنَّ التَّبْعِيضَ لَيْسَ خَاصَّةً وَلَا فَصْلًا لَهُ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَتَبَعَّضَ الْعِوَضُ فِي كُلِّ صُورَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا التَّبْعِيضُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَهُوَ عَرْضٌ عَام بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ صُوَرِ الْجُعْلِ لِأَنَّ أَكْثَرَ صُوَرِهِ لَا يَتَبَعَّضُ الْعِوَضُ فِيهَا وَهَذَا وَاضِحٌ وَأَنَّ قَضِيَّةَ شُعَيْبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه تَكُونُ خَارِجَةً عَنْ الْحَدِّ عَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّبْعِيضَ فِيهَا حَاصِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْمَلَ بَعْضَ الْعِوَضِ خَاصَّةً لَرَجَعَ فِيهِ بِمَنَابِ مَا بَقِيَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ.
ِ (قُلْتُ) لَمْ يُعَبِّرْ الشَّيْخُ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى الْأَجْرِ بَعْدُ وَعَلَى الْمَنْفَعَةِ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ أَرْكَانَهَا ثَلَاثَةٌ قَالَ الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَاقِدَانِ كَالْمُتَبَايِعِينَ قَالَ الشَّيْخُ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ الرُّكْنِيَّةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِي بَابِ الطَّلَاقِ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.