مِثْلِهِ إلَخْ هَلْ تَرُدُّ عَلَى رَسْمِهِ فِي الْقَرْضِ (قُلْتُ) لَا تُرَدُّ بَلْ هِيَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ السَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَأْوِيلِهَا الْمَانِعِ مِنْ نَقْضِهَا عَلَى السَّلَمِ وَقَالُوا هُنَا لِلْمُقْرِضِ رَدُّ عَيْنِ الْقَرْضِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَتَأَمَّلْهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْقَرْضِ مَعْلُومَةٌ لِلْعَامَّةِ فَضْلًا عَنْ الْخَاصَّةِ هَذَا كَثِيرًا مَا يَقُولُهُ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَرُسُوخِهِ فِي عِلْمِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ بِرَدِّهِ الصَّائِبِ وَكَلَامِهِ اللَّازِبِ وَقَدْ رَدَّ بِهِ مِرَارًا فِي مَوَاضِعَ تُوجِبُ إعَادَتَهَا تَكْرَارًا وَقَدْ قَدَّمْنَا مِثْلَهَا مِرَارًا وَزَادَ هُنَا فِي تَمَامِ رَدِّهِ إنْ قَالَ وَأَشْيَاءُ كَثِيرَة مَعْلُومَةٌ مِنْ حَيْثُ وُجُودِهَا ضَرُورَةً عَسِيرٌ عِلْمُهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْقُولَةً كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعْلُومَانِ لِلْعَوَامِّ مِنْ حَيْثُ وُجُودِهِمَا لَا مِنْ حَيْثُ مَعْقُولِيَّتُهُمَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْقَرْضِ الصَّحِيحِ زَادَ مَا رَأَيْته وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ صُورَةِ الْفَسَادِ وَلَا يَخْفَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ (قُلْتُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا كُلَّهَا تَرْجِعُ بِالْمَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَنْفَعُنَا بِهِ بِفَضْلِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) حَدُّ الْقَرْضِ الْأَوَّلِ يَعُمُّ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ كَمَا ذُكِرَ وَصُوَرُ الْفَسَادِ فِيهِ كَثِيرَةٌ فَإِنْ وَقَعَ لِأَيِّ شَيْءٍ يُرَدُّ (قُلْتُ) اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَيُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ فِي إقْرَائِهِمْ بِقَوْلِهِمْ هَلْ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ أَوْ صَحِيحِ نَفْسِهِ هَذِهِ أَحْسَنُ عِبَارَةٍ فِيهِ اُنْظُرْ الشَّيْخَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَعْنَاهَا هَلْ يَكُونُ فِيهِ الْقِيمَةُ أَوْ الْمِثْلُ وَانْتَقَدَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ كَيْفَ يُرَدُّ الْفَاسِدُ لِفَاسِدِ أَصْلِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُصَحَّحَ الْفَاسِدُ بِالْفَاسِدِ قَالَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُنْت أُجِيبُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ دَلَّ السِّيَاقُ عَلَيْهِ تَقْدِيرُهُ إلَى صَحِيحٍ فَاسِدٍ أَصْلُهُ قَالَ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ أَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ أَصْوَبُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى الْفَاسِدَ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ أَوْ صَحِيحِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنَّمَا قُلْنَا أَصْوَبُ مِنْ هَذِهِ لِتَعَذُّرِ صِدْقِ ظَاهِرِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهَا رَدُّهُ إلَى نَفْسِ صَحِيحِ أَصْلِهِ وَصَحِيحُ أَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ إمْضَاؤُهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَهَذَا فِي الْقَرْضِ الْفَاسِدِ مُتَعَذِّرٌ تَصَوُّرًا وَتَصْدِيقًا فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ هَارُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قُلْتَ) إنْ قُلْنَا بِالْحَدِّ الثَّانِي فَيُقَالُ يُرَدُّ عَلَى رَسْمِهِ إذَا سَلَّفَهُ دِرْهَمًا قَصْدًا لِلتَّفَضُّلِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ عَدَدًا حُسْنَ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (قُلْتُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ السَّلَفُ فِي أَصْلِهِ جَائِزٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْفَسَادُ