الحكم القريب، والشبه يقع في الحكم كمشابهة العبد المقتول بالحر، أو شبهه بسائر المملوكات. وعند ابن علية
يقع الشبه في الصورة كرد الجلسة الثانية إلى الأولى في الحكم، وعند الإمام التسوية بين الأمرين إذا غلب على الظن أنه مستلزم للحكم، وهو ليس بحجة عند القاضي منا.
مثال الشبه عند القاضي: قولنا في الخل مائع لا تبنى القنطرة على جنسه فلا تزال به النجاسة كالدهن؛ فقولنا لا تبنى القنطرة على جنسه ليس مناسباً في ذاته، غير أنه مستلزم للمناسب، فإن العادة أن القنطرة لا تبنى على الأشياء القليلة بل على الكثيرة: كالأنهار، والقلة مناسبة لعدم مشروعية المتصف بها من المائعات للطهارة العامة، فإن الشرع العام يقتضي أن تكون أسبابه عامة الوجود. أما تكاليف الكل بما لا يجده إلاّ البعض فبعيد عن القواعد، فصار قولنا لا تبنى القنطرة على جنسه ليس بمناسب، وهو مستلزم للمناسب، وقد شهد الشرع بجنس القلة والتعذر في عدم مشروعية الطهارة، بدليل أن الماء إذا قل واشتدت إليه الحاجة فإنه يسقط الأمر به، ويتوجه التيمم.
قال القاضي أبو بكر في هذا التقسيم: الوصف إن كان مناسباً بذاته فهو المناسب، وإن لم يكن مناسباً في ذاته فلا يخلو ما إن يكون مستلزماً للمناسب أو لا. الأوّل الشبه، والثاني الطردي الملغى إجماعاً والعبد المقتول فيه كونه مملوكاً والملك حكم شرعي، وكونه آدمياً، وهذا وصف حقيقي لا حكم شرعي، فقد حصل فيه الشبهان، فمن غلب شبه الحكم الشرعي وهو مالك والشافعي أوجب فيه قيمته بالغة ما بلغتن وإن زادت على دية الحر، ومن لاحظ شبه الحر وهو الآدمية لم يوجب فيه الزيادة على دية الحر وهو أبو حنيفة وابن علية أوجب الجلسة الأولى قياساً على الثانية في الوجوب بجامع أنها جلسة، وهذا شبه صوري لا حكم شرعي.
قال الإمام فخر الدين: إذا غلب على الظن أن شيئاً من هذه الشبهات علة الحكم ومستلزمه له شرعاً جعلناه علة كان صورة أو حكماً أو غير ذلك عملاً بموجب الظن.