الجنازة نوع من الأحكام، فيقاس أحد النوعين على الآخر، وجعلت المشقة جنساً لأنها متنوعة إلى مشقة قضاء الصلاة ومشقة الصوم ومشقة القيام في الصلاة وغير ذلك من أنواع المشاق، فمطلق المشقة جنس، وهو نوع باعتبار الوصف المصلحي أو المناسب، وإسقاط الصلاة عن الحائض نوع من الأحكام، والإسقاطات والرخص بتأثير النوع في النوع مقدم على الجميع؛ لأن الخصوصين قد حصلا فيه: خصوص الوصف وخصوص الحكم، والأخص بالشيء مقدم على الأعم، ولذلك قدمت البنوة في الميراث على الأخوة، والأخوة على العمومة وكذلك قدم ليس النجس على الحرير، فمنع في الصلاة لأنه أخص بالصلاة من الحرير ولأن تحريم الحرير لا يختص بالصلاة فكان تحريم النجس أقوى منه لأنه مختص بها، وكذلك إذا لم يجد المحرم إلاّ ميتة وصيداً أكل الميتة دون الصيد، لأن تحريم الصيد خاص بالإحرام.
والقاعدة أن الأخص أبداً مقدم، فكما أن النوع في النوع أخص الجميع، فالجنس في الجنس أعم الجميع، والمنقول أن النوع في الجنس والجنس في النوع متساويان متعارضان مقدمان على الرابع لوجود الخصوص فيهما من حيث الجملة، والذي في الأصل ما أرى نقله إلاّ سهواً، وأما المصلحة المرسلة فالمنقول أنها خاصة بنا، وإذا افتقدت المذاهب وجدتهم إذا قاسوا وجمعوا وفرقوا بين المسألتين لا يطلبون شاهداً بالاعتبار لذلك المعنى الذي به جمعوا وفرقوا، بل يكتفون بمطلق المناسبة، وهذا هو المصلحة المرسلة، فهي حينئذ في جميع المذاهب.
ومن المعلوم أن المصلحة المرسلة أخص من مطلق المناسبة ومطلق المصلحة، لأن مطلق المصلحة قد يلغى كما تقدم في زراعة العنب، فإن المناسبة تقتضي أن لا يزرع سداً لذريعة الخمر، لكن أجمع المسلمون على إلغاء ذلك، وكذلك المنع من التجاور في البيوت خشية الزنا فإنه مناسب، لكن أجمع المسلمون على جواز المجاورة بالنساء في الدور الجامعة وإلغاء هذا المناسب، فالمناسب حينئذ أعم من المرسلة، لأن المرسلة مصلحة يفيد السكوت عنها فهي أخص.
الرابع: الشبه قال القاضي أبو بكر هو الوصف الذي لا يناسب لذاته ويستلزم المناسب لذاته، وقد شهد الشرع لتأثير جنسه القريب في جنس