من يحتاج في معاشه إلى أحد هذه الأمور، فجعلت شرعاً عاماً لعدم الانضباط في مقادير الحاجات. وهذه الرتب يظهر أثرها عند تعارض الأقيسة، فيقدم الضروري عل الحاجي، والحاجي على التتمة.
وهو أيضاً ينقسم إلى ما اعتبره الشرع، وإلى ما ألغاه، وإلى ما جهل حاله. والأول ينقسم إلى ما اعتبر نوعه في نوع الحكم كاعتبار نوع الإسكار في نوع التحريم، وإلى ما اعتبر جنسه في جنسه كالتعليل بمطلق المصلحة كإقامة الشرب مقام القذف لأنه مظنته، وإلى ما اعتبر نوعه في جنسه كاعتبار الأخوة في التقديم في الميراث، فتقدم في النكاح، وإلى ما اعتبر جنسه في نوع الحكم كإسقاط الصلاة عن الحائض بالمشقة فإن المشقة جنس وهو أي الإسقاط نوع من الرخص، فتأثير النوع في النوع مقدم على تأثير النوع في الجنس وتأثير النوع في الجنس مقدم على تأثير الجنس في النوع وهو مقدم على تأثير الجنس في الجنس، والملغى نحو المنع من زراعة العنب خشية الخمر، والذي جهل أمره هو المصلحة المرسلة التي نحن نقول بها، وعند التحقيق هي عامة في المذاهب.
الحكم أعم أجناسه كونه حكماً، وأخص منه كونه طلباً أو تخبيراً وأخص منه كونه تحريماً أو إيجاباً، وأخص منه كونه تحريم الخمر أو إيجاب الصلاة، وأعم أحوا الوصف كونه وصفاً، وأخص منه كونه مناسباً وأخص من المناسب كونه معتبراً، وأخص منه كونه مشقة أو مصلحة أو مفسدة خاصة، ثم أخص من ذلك كون تلك المفسدة في محل الضرورات أو الحاجات أو التتمات، فهذا الطريق يظهر الأجناس العالية والمتوسطة والأنواع السافلة للأحكام والأوصاف من المناسب وغيره، فالإسكار نوع من المفسدة، والمفسدة
جنس له. ويحكى عن علي - رضي الله عنه - أنه قال لما سئل عن حد شارب الخمر إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فأرى عليه حد المفتري. فأخذ علي - رضي الله عنه - مطلق المناسبة، ومطلق المظنة. والأخوة نوع من الأوصاف، والتقدم في الميراث نوع من الأحكام فهو نوع في نوع، وكذلك التقدم في النكاح أو صلاة