وفيه ستة فصول
فالمبين هو اللفظ الدال بالوضع على معنى إما بالأصالة وإما بعد البيان. والمجمل هو الدائر بين احتمالين فصاعداً إما بسبب الوضع وهو المشترك أو من جهة العقل كالمتواطئ بالنسبة إلى جزئياته، فكل مشترك مجمل وليس كلّ مجمل مشتركاً، وقد يكون اللفظ مبيناً من وجه كقوله تعالى: «وآتوا حقه يوم حصاده» (?) فإنه ميز في الحق مجمل في مقداره.
تقدم أن المجمل مشتق من الجمل الذي هو الخلط في الباب الأوّل، والمبين من البيان، يقال لفظ مبين إذا كان نصاً في معناه، بمعنى أن واضعه ومستعمله وصلاه إلى أقصى غايات البيان، فهو مبين، فإذا كان اللفظ مجملاً، ثم بين قيل له مبين. كما تقول إن آية الزكاة مجملة في مقدارها، يقول عليه الصلاة والسلام: «فيما سقت السماء العشر» . ولفظ الفرس الآن لا إجمال فيه من جهة الاشتراك، بل يفهم جنسه عند سماع لفظه، فلو وضع لنوع آخر من الحيوان صار مشتركاً مجملاً لا يفهم منه خصوص الفرس إلاّ بقرينة، فهذا هو الإجمال الناشئ عن الوضع، وأما الناشئ عن العقل فإن اللفظ الموضوع لمعنى كليّ كالإنسان إذا قلنا في الدار إنسان كان هذا اللفظ دائراً بين جزئيات الإنسان، بحيث لا يتعين له منهم فرد،