فهذا الإجمال إنّما جاءنا من جهة تجويز العقل لا من جهة الوضع، فالمجمل أعم من المشترك عموماً مطلقاً، وكانت آية الزكاة مجملة في المقادير لاحتمالها أن هذا الحق هو النصف أو الربع أو الثمن، أو غير ذلك من المقادير.
والمؤول هو الاحتمال الخفي مع الظاهر، مأخوذ من المآل إما لأنه يؤول إلى الظهور بسبب الدليل العاضد، أو لأن العقل يؤول إلى فهمه بعد فهم الظاهر، وهذا وصف له بما هو موصوف به في الوقت الحاضر، فيكون حقيقة، وفي الأوّل باعتبار ما يصير إليه وقد لا يقع فيكون مجازاً مطلقاً.
العقل إذا سمع اللفظ أول ما يسبق إليه الظاهر الذي هو الحقيقة مثلاً ثم ينتقل بعد ذلك إلى احتمال المجاز، ويجوز أن يكون مراداًن فهذا قد وقع للفظ، أما الدليل العاضد
فلم يقع بعدن وقد لا يقع البتة، فيكون الأوّل إطلاقاً بما هو موصوف به في الحال فيكون حقيقة كما تقدم في المشتق، والثاني باعتبار ما يقبله في الاستقبال، فيكون مجازاً.
إضافة التحليل والتحريم إلى الأعيان ليس مجملاً فيحمل على ما يدل العرف عليه في كلّ عين خلافاً للكرخي، فيحمل في الميتة على الأكل وفي الأمهات على وجوه الاستمتاع.
يقول الكرخي الحقائق غير مكتسبة إيجاداً ولا إعداماً، وما ليس مكتسباً لا يتعلق به تكليف، لأنا إنّما نكلف بما نقدر على كسبه من أفعالنا، وأما الأعيان فلا تُكتسب لنا، فيكون المنطوق به وهو الأعيان غير مراده، والمراد غير منطوق به، فليس تقدير بعض ما يصلح أولى من البعض فيتعين الإجمال.
والجماعة يجيبونه ويقولون: العرف عين المقصود بالتكليف في كلّ عين، حتى صار ذلك المركب في العرف موضوعاً لذلك الفعل المخاطب به في تلك العين،