البحث في هذا النوع مبني على أن نقيض المركب في اللغة إنّما هو سلب الحكم عن ذلك المركب لا مطلقاً، فنقيض قولنا زيد في الدار، أن زيداً ليس في الدار، هذا هو الذي يستعمل نقيضاً في اللغة، ويكذب به القول الأوّل، وإن كان عدم زيد من حيث هو زيد يناقض أنه في الدار، وكذلك إذا قلنا في الخبر من الحنطة غذاء، فالذي يقصد مناقضته يقول ليس في الخبز من الحنطة غذاء فلا بد أن ينطق في المناقضة بقوله من الحنطة، مع أنه لو قال ليس في الخبز غذاء مطلقاً حصل التناقض عقلاً لاندراج الخبز الخاص بالحنطة في مطلق الخبز نصاً، غير أن عرف اللغة ما ذكرته لك، فمن لاحظ هذه القاعدة وهم الجمهور قال إذا قال صاحب الشرع في سائمة من الغنم الزكاة يكون نقيضه ليس في السائمة من الغنم زكاة، هذا نقيض المنطوق الذي لا يثبت معه المنطوق، والمفهوم الذي هو النقيض اللازم للمنطوق، فيكون تقديره ما ليس بسائمة من الغنم لا زكاة فيها، هذا إذا أخذنا خصوص المحل، وما ليس بسائمة مطلقاً يتناول البقر والمعلوفة والإبل، بل العقار بل الحلي المتخذ لاستعمال مباح، يجوز أن يستدل به على عدم وجوب الزكاة فيه بقوله عليه الصلاة والسلام في سائمة الغنم الزكاة، ومفهومه يقتضي عدم وجوب الزكاة في الحُبلى، لأن الحبلى ليس بغنم سائمة، هذا منشأ الخلاف بين الفريقين، هل يؤخذ خصوص المحل في النقيض نظراً لعرف اللغة أو لا يؤخذ نظراً للتناقض العقلي من حيث الجملة؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015